للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرقةٌ منهمُ قدِ ادخِلتِ النَّـ … ـارَ فساءتْهمُ مَرافقها

تعاهدتْ هذه القلوبُ إذا … هَمَّتْ بخيرٍ عافَتْ عَوائقُها

وصَدَّها للشقاءَ عَن طلَبِ الـ … ـجَنَّةِ دُنْيا اللهُ ماحِقُها

عبدٌ دَعا نَفسَه فعاتَبَها … يَعْلَمُ أنَّ البصيرَ رامِقُها

ما رغبة النفس في الحياةِ وإن … تَحيا قليلًا فالموتُ لاحِقها (١)

يوشِك مَنْ فرَّ من منيّته … يومًا على غِرّةٍ يُوافقها

إنْ لم تَمُتْ عَبْطةً تَمُتْ هَرَمًا … لِلموتِ كأسٌ والمرْءُ ذائِقها (٢)

قال (٣): ثم انصرف إلى رحله، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى طعن في حيارته (٤) فأتاني الخبر، فانصرفتُ إليه، فوجدتُه منعوشًا (٥) قد سُجّي عليه، فدنوتُ منه، فشهق شهقةً، وشقّ (٦)، بصره، ونظر نحوَ السقفِ ورفع صوتَه، وقال: [من الرجز]

لبَّيكما لبَّيكما … ها أنذا لديكما

لا ذو مال فيفديني، ولا ذو أهل فتحميني. ثم أُغمي عليه، إذ شهق شهقةً فقلت: قد هلك الرجلُ. فشقَّ بصره نحو السقف فرفع صوته، فقال: [من الرجز]

لبيكما لبيكما … ها أنا ذا لديكما

لا ذو براءة فأعتذر، ولا ذو عشيرة فأنتصر. ثم أغمي عليه، إذ شهق شهقةً وشق بصره، ونظر نحو السقف، فقال: [من الرجز]

لبيكما لبيكما … ها أنا ذا لديكما

بالنعم محفود، وبالذنب محصود، ثم أغمي عليه إذ شهق شهقة. فقال: [من الرجز]

لبيكما لبيكما … ها أنا ذا لديكما

إنْ تغفرِاللهُمَّ تَغْفِرْ جَمّا … وأيُّ عبدٍ لكَ لا أَلمًّا (٧)


(١) في ط: ما رغّب.
(٢) في ط الأصول: غبطة. ولا وجه لها. وأثبت ما في ديوانه. ومات عبطة: شابًا. والأبيات في ديوان أمية: (٤١٩)، وتخريجها فيه.
(٣) في ب: قالت.
(٤) في ط: حيارته. وفي مختصر تاريخ دمشق: ظعن في جنازته. ولا يستقيم بها المعنى. والحيار: الأثر.
(٥) النعش: السرير يحمل عليه الملك إذا مرض.
(٦) شق بصر الميت: انفتحت عيناه وشخص كأنه ينظر إلى شيء، لا يرتد إليه طرفه.
(٧) ديوانه (٤٩١). وألم الرجل: وقع في اللمم، وهو صغار الذنوب.