للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس -دخل حديث بعضهم في حديث بعض- أنَّ آمنة بنت وَهب قالت: لقد علقتُ به -تعني رسولَ الله - فما وجدْتُ له مَشَقَّةً حتى وضعتُه، فلما فصل مني خرج معه نورٌ أضاء له ما بين المشرق وإلى المغرب، ثم وقع إلى الأرض معتمدًا على يديه، ثم أخذ قبضةً من التراب، فقبضها ورفع رأسه إلى السماء. وقال بعضهم: وقع جاثيًا على ركبتيه، رافعًا رأسه إلى السماء (١)، وخرج معه نورٌ أضاءَتْ له قصورُ الشام وأسواقُها حتى رأيتُ أعناق الإبل ببصرى.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي (٢): أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق (٣)، حدّثنا أبو بِشْر (٤) مُبَشِّر بن الحسن، حدّثنا يعقوب بن محمد الزهري، حدّثنا عبد العزيز ابن عمران، حدّثنا عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان بن جُبير بن مُطْعِم عن أبيه، عن ابن أبي سُوَيد الثقفي، عن عثمان بن أبي العاص، حدّثتني أمِّي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وَهْب رسولَ الله ليلةَ ولدَتْه، قالت: فما شيءٌ أنظرُ إليه في البيت إلا نُوِّر، وإني أنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لَيَقَعْنَ عليّ.

وذكر القاضي عياض (٥) عن الشِّفَا (٦) أمِّ عبدِ الرحمن بن عوف، أنها كانت قابِلَتَه، وأنها أُخبرت به حين سقَطَ على يديها واستهلّ، سمعَتْ قائلًا يقول: يرحمكَ الله، وأنه سطع نور منه نَوَّرَ رأتْ منه قصورَ الرُّوم (٧).

قال محمد بن إسحاق (٨): فلمَّا وضعَتْهُ بعثَتْ إلى عبد المطلب جاريتَها -وقد هلك أبوه وهي حُبْلَى، ويقال: إنَّ عبدَ اللهِ هلك والنبيُّ ابنُ ثمانيةٍ وعشرين شهرًا، فاللهُ أعلم أيَّ ذلك كان- فقالت: قد وُلد


(١) قوله: رافعًا رأسه إلى السماء، محله في ح، ط في آخر الحديث، والمثبت من الطبقات.
(٢) في دلائل النبوة (١/ ١١٠، ١١١) ورواه الطبري في تاريخه (٢/ ١٥٦، ١٥٧) عن محمد بن سنان القزاز عن يعقوب بن محمد الزهري به، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه السيرة النبوية - القسم الأول (ص ٦٥) عن البيهقي، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٢٠) وقال: رواه الطبراني، وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو متروك احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فاشتد غلطه وكان عارفًا بالأنساب.
(٣) هو ابن خزيمة.
(٤) في ط: يونس بن مبشر بن الحسن تحريف، والمثبت من ح ودلائل البيهقي وتاريخ ابن عساكر وترجمته في تاريخ بغداد (١٣/ ٢٦٨).
(٥) في الشفا (١/ ٣٦٦) بلفظ مختلف.
(٦) "الشفا": بالقصر والمدّ، كما في الإكمال (٥/ ٧٦ ح ١).
(٧) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص ٤٠) من طريق النضر بن سلمة عن أحمد بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه وعبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف كلاهما عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: كنت أنا ورسول الله تربًا وكانت أمي الشفا فذكر الحديث.
(٨) قول ابن إسحاق في دلائل البيهقي (١/ ١١٢) وتاريخ ابن عساكر السيرة النبوية - القسم الأول (ص ٦٨، ٦٩) وانظره بلفظ مختلف في سيرة ابن هشام (١/ ١٥٩، ١٦٠) وطبقات ابن سعد (١/ ١٠٣).