للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك، فامْنُنْ علينا مَنَّ الله عليك. وقام خطيبهم زهير بن صُرَد فقال: يا رسول الله. إنَّ ما في الحظائر (١) من السبايا خالاتُك وحواضنك اللاتي كن يكفُلْنك، فلو أنَّا مَلَحْنا (٢) ابنَ أبي شَمِر، أو النعمان بن المنذر، ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك رجَوْنا عائدتَهما وعطفَهما، وأنت خيرُ المكفولين. ثم أنشد: [من البسيط]

أُمْنُنْ علينا رسولَ الله في كَرَمٍ … فإنَّك المرءُ نَرْجُوهُ ونَدَّخِرُ

أُمْنُنْ على بَيْضَةٍ قد عاقَها (٣) قَدَرٌ … ممزَّقٌ شَمْلُها في دهرها غِيَرُ

أبقتْ لنا الدهرَ هتَّافًا على حَزَنٍ … على قلوبهمُ الغَمَّاءُ والغُمَرُ (٤)

إنْ لَمْ تُداركها نَعْماءَ تَنْشُرُها … يا أرجحَ الناسِ حِلْمًا حين يُخْتَبَرُ (٥)

أُمنُنْ على نسوةٍ قد كنتَ ترضعُها … إذْ فُوك يَمْلَؤهُ من مَحْضِها دِرَرُ (٦)

أُمننْ على نسوةٍ قد كنتَ ترضَعُها … وإذْ يَزينُك ما تأتي وما تَذَرُ

لا تجعلنَّا كمن شالتْ نَعامَتُه … واستَبْقِ منّا فإنَّا معشرٌ زُهُرُ (٧)

إنا لنشكرُ للنُّعمى وإنْ كُفرتْ … وعندنا بعدَ هذا اليومِ مُدَّخَرُ

وقد رُويتْ هذه القصة من طريق عبد الله (٨) بن رُمَاحِس الكلبي الرملي، عن زياد بن طارق الجُشَميّ،


= معجم البلدان (٢/ ١٤٢).
(١) في ح: الحضائر، والمثبت من ط وسيرة ابن هشام، والحظيرة: المحيط بالشيء، سواء كان خشبًا أو قصبًا، جمعها الحظائر. التاج (حظر).
(٢) "ملحنا": أرضعنا. الشرح من حاشية ح، وكتب فوقه: ش صحاح، يعني الشرح من صحاح الجوهري. وجاء في اللسان (ملح): وفي حديث وفد هوازن: أنهم كلموا رسول الله في سبي عشائرهم، فقال خطيبهم: إنا لو كنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر ثم نزل منزلك هذا منا لحفظ ذلك لنا، وأنت خير المكفولين فاحفظ ذلك؛ قال الأصمعي: في قوله ملحنا، أي: أرضعنا لهما.
(٣) في ح: .. بيضة أعثانها قدر، والمثبت من ط ومصادر التخريج. والبيضة: من قولهم: بيضة القوم: أصلهم ومجتمعهم، وعشيرتهم. التاج (بيض).
(٤) "الغماء": الكرْب. الغُمَر: جمع غَمْرة، وهي الشدة، كغمرة الهم والموت. اللسان (غمم، غمر). وقال الزرقاني في شرح المواهب: "والغَمَرُ: بفتح المعجمة وتكسر وميم مفتوحة وراء: الحقد".
(٥) الشطر الأول مختل الوزن بهذه الرواية، ويستقيم برواية الواقدي وهي: ألا تداركها، أو رواية الخطيب البغدادي والسهيلي وابن عساكر وهي: تُداركهُمُ.
(٦) "دِرر": أي الدفعات الكثيرة من اللبن. قاله الحلبي في السيرة الحلبية (٣/ ١٢٦) قلت: هو جمع دِرَّة بكسر الدال، وهي كثرة اللبن وسيلانه. اللسان (درر).
(٧) "شالت نعامة القوم": خفت منازلهم منهم، وذهب عزهم، وتفرقت كلمتهم. اللسان (شول).
(٨) كذا في ح والتاج رمحس، وفي ط واللباب (٢/ ٣٦) ومختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور (٥/ ٤٧١) وميزان الاعتدال (٣/ ٦).