للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أبي صُرَد زهير بن جَرْوَل (١) -وكان رئيسَ قومه- قال: لما أسَرَنا رسولُ الله يوم حُنين، فبينا هو يَميزُ بين الرجال والنساء وثبتُ حتى قعدتُ بين يديه، وأسمعتُه شعرًا، أذكره حين شبَّ ونشأ في هوازن حيث أرْضعوه: [من البسيط]

أُمْنُنْ علينا رسولَ الله في دَعَةٍ … فإنَّك المرءُ نرجوهُ ونَنْتَظِرُ

أُمننْ على بَيْضةٍ قد عاقها قَدَرٌ … ممزَّقٌ شَمْلُها في دهرها غِيرُ

أبقت لنا الحربُ هتَّافًا على حَزَنٍ … على قلوبهمُ الغَمَّاءُ والغُمَرُ

إنْ لم تُداركْها نعماءَ تنشرُها … يا أرجحَ الناس حِلْمًا حين يُختبر

أُمننْ على نسوةٍ قد كنتَ ترضَعُها … إذْ فُوك يملؤُه (٢) من مَحْضِها الدِّرَرُ

إذْ أنْتَ طفلٌ صغيرٌ كنتَ تَرضعها … وإذْ يَزينُكَ ما تأتي وما تذَرُ

لا تجعلنَّا كمن شالَتْ نعامَتُهُ … واسْتَبْقِ منا فإنَّا معشرٌ زُهُرُ

إنَّا لنشكُرُ للنُّعمى وإنْ كُفِرَتْ … وعندنا بعد هذا اليوم مُدَّخَرُ

فأَلبسِ العَفْوَ مَن قد كنتَ تَرضعُه … مِن أُمَّهاتِكَ إنَّ العفوَ مُشْتَهرُ

إنّا نؤمِّلُ عفوًا منك تُلْبِسُهُ … هذي البرِيَّةَ إذْ تعفو وتنتصرُ

فاعفو (٣) عفا الله عمَّا أنت رَاهبُه (٤) … يومَ القيامة إذْ يُهْدى لك الظَّفَرُ

قال: فقال رسول الله : "أمَّا ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم" فقالت [قريش: ما كان لنا فهو لله ولرسوله. وقالت] (٥) الأنصار: وما كان لنا فهو لله ولرسوله .


(١) كذا في ح، ط: وفي المصادر السابقة: عن أبي جرول زهير بن صرد، وقال السهيلي في الروض ٤/ ١٦٦: وأما زهير الذي ذكره يعني ابن إسحاق في سيرة ابن هشام (١/ ٤٨٨) فهو ابن صرد، يكنى أبا صرد، وقيل: أبا جرول. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (٢/ ٩٠): زياد بن طارق عن أبي جرول؛ نكرة لا يُعرف. تفرد عنه عبيد الله بن رماحس.
(٢) في ح: يملؤها وفي ط: تملؤه، والمثبت من مختصر تاريخ ابن عساكر.
(٣) في ط: فاغفر.
(٤) في ح: واهبه، والمثبت من ط ومصادر التخريج، وهي مغازي الواقدي (٣/ ٩٥٠، ٩٥١) وتاريخ بغداد (٧/ ١٠٦) والروض الأنف (٤/ ١٦٦) ومختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور (٥/ ١٧١، ١٧٢) وشرح المواهب للزرقاني (٤/ ٤) ما بعدها، وفيه: راهبه، بموحدة: خائفه. والسيرة الحلبية (٣/ ١٢٦).
(٥) ما بين معقوفين استدركته من تاريخ بغداد ومختصر تاريخ ابن عساكر. والحديث أخرجه البخاري فتح (٤٣١٨) (٤٣١٩) في المغازي باب قول الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ … ﴾ وفي الوكالة (٢٣٠٧) و (٢٣٠٨) باب إذا وهب شيئًا لوكيل أو شفيع، وفي العتق (٢٥٣٩) و (٢٥٤٠) باب من ملك من العرب رقيقًا، وفي الهبة (٢٥٨٣) و (٢٥٨٤) باب من رأى أن الهبة الغائبة جائز، وباب إذا وهب جماعة لقوم، وفي الجهاد (٣١٣١) و (٣١٣٢) باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، وفي الأحكام (٧١٧٦) و (٧١٧٧)، باب العرفاء للناس، وأخرجه أبو داود (٢٦٩٣) في الجهاد باب في فداء الأسير بالمال. ورواه أيضًا الواقدي في المغازي (٣/ ٩٤٩، ٩٥٠) مطولًا، وكذا ابن سعد في الطبقات (١/ ١١٤، ١١٥) وابن الأثير في جامع الأصول رقم (٦١٧١) في غزوة حنين.