للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخت خَدِيجةَ وهي جالسةٌ على أَدَمٍ تبيعها، فنادتني، فانصرفتُ إليها ووقف لي رسولُ الله فقالت: أما لصاحبك (١) هذا من حاجة في تزويج خديجة؟ قال عمار: فرجعتُ إليه فأخبرتُه فقال: "بلى لَعَمْري" فذكرتُ لها قولَ رسولِ الله فقالتْ: اغْدُوا علينا إذا أصبحنا. فغدَوْنا عليهم، فوجدناهم قد ذبحوا بقرة، وألبسوا أبا خديجة حُلَّة، وصُفِّرَتْ لحيته، وكلَّمتْ أخاها، فكلَّم أباها وقد سُقي خمرًا، فذكرتْ له رسولَ الله ومكانَهُ، وسألتهُ أن يزوِّجه، فزوَّجه خديجة، وصنعوا من البقرة طعامًا فأكلنا منه، ونام أبوها، ثم استيقظ صاحيًا، فقال: ما هذه الحُلَّة وما هذه الصُّفْرة (٢) وهذا الطعام؟ فقالت له ابنته التي كانت قد كلَّمتْ عمَّارًا: هذه حُلَّةٌ كساكها محمد بن عبد الله خَتَنُكَ، وبقرة أهداها لك، فذبحناها حين زوَّجْتَهُ خديجة. فأنكر أن يكون زوَّجه، وخرج يصيح حتى جاء الحِجر، وخرج بنو هاشم برسولِ الله ، فجاؤوه فكلَّموه، فقال: أين صاحبُكم الذي تزعمون أني زوَّجْتُه خديجة؟ فبرز له رسولُ الله ، فلما نظر إليه قال: إنْ كنتُ زوَّجْته فسبيل ذاك، وإنْ لم أكن فعلتُ فقد زوَّجته (٣).

وقد ذكره الزُّهري في سيره، أن أباها زوَّجها منه، وهو سكران، وذكر نحو ما تقدَّم. حكاه السُّهيلي (٤).

قال المَوْصلي (٥): المجتمع عليه أنّ عمَّها عمرو بن أسد هو الذي زوَّجها منه (٦). وهذا هو الذي رجَّحه السُّهيلي، وحكاه (٧) عن ابن عباس وعائشة قالت: وكان خويلد قد مات فبل الفِجار، وهو الذي نازع تُبَّعًا حين أراد أخْذَ الحَجَر الأسود إلى اليمن، فقام في ذلك خُويلد، وقام معه جماعةٌ من قريش، ثم رأى تُبَّعٌ في منامه ما رَوَّعَهُ، فنزع عن ذلك وترك الحَجَر الأسود مكانه.

وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة (٨)، أن أخاها عمرو بن خُويلد هو الذي زوَّجها رسولَ الله فالله أعلم.


= صوابه، والمحدثون يفتحون الزاي ويشددون الواو وهو تصحيف؛ وكانت الحزورة سوق مكة، وقد دخلت في المسجد لمَّا زيد فيه. معجم البلدان (٢/ ٢٥٥).
(١) في ح، ط: بصاحبك، والمثبت من دلائل البيهقي.
(٢) في دلائل البيهقي النقيعة، وهي ما ينحره الرجل إذا زُوِّج، كما في اللسان (نقع).
(٣) إسناده ضعيف جدًا، فإن عمر بن أبي بكر الموصلي متروك ذاهب الحديث كما قال أبو حاتم الرازي (الجرح والتعديل ٦/ الترجمة ٥٢٤) (بشار).
(٤) في الروض (١/ ٢١٤).
(٥) الخبر في المعرفة والتاريخ (٣/ ٢٥٣) في القسم المفقود منه، وهو منقول عما هنا.
(٦) قول الموصلي هذا ذكره البيهقي بعد سياق الخبر الآنف الذكر.
(٧) في الروض (١/ ٢١٣) بألفاظ مقاربة.
(٨) سيرة ابن هشام (٢/ ٦٤٣).