للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وقد تابعه منصور عن مجاهد.

قلت: وهذا غريبٌ جدًّا، وكأنَّه من الزَّامِلَتَيْن اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك (١)، وكان فيهما إسرائيليات يحدِّثُ منهما، وفيهما منكراتٌ وغرائب.

ثم قال البيهقي (٢): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي (٣)، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدّثنا أبو صالح الجُهني، حدّثني ابنُ لهيعةَ، عن يزيد، عن أبي الخير (٤)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسولُ الله : "بعث اللهُ جبريلَ إلى آدم وحوَّاء، فقال لهما: ابْنِيا لي بيتًا. فخطَّ لهما جبريل، فجعل آدم يَحْفِر وحواء تنقل، حتى أجابه الماء نودي من تحته: حَسْبُكَ يا آدم. فلمَّا بَنَياه أوحى اللهُ تعالى إليه أنْ يطوفَ به، وقيل له: أنت أولُ الناس، وهذا أولُ بيت، ثم تناسختِ القرون حتى حجَّه نوح، ثم تناسخت القرون حتى رَفَعَ إبراهيمُ القواعِدَ منه".

قال البيهقي: تفرَّد به ابنُ لَهيعة هكذا مرفوعًا.

قلت: وهو ضعيف، ووَقْفُهُ على عبد الله بن عمرو أقوى وأثبت، والله أعلم.

وقال الربيع (٥): أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن ابن أبي لَبِيد، عن محمد بن كعب القُرَظي -أو غيره- قال: حجَّ آدمُ فلقيتْهُ الملائكة فقالوا: برَّ نُسْكُكَ يا آدم، لقد حجَجْنا قبلك بألفَيْ عام.

وقال يونس بن بُكير عن ابن إسحاق (٦): حدّثني بَقِيَّة -أو قال: ثقةٌ من أهل المدينة- عن عُروة بن الزُّبير أنه قال: ما مِنْ نبيٍّ إلا وقد حجَّ البيت، إلا ما كان من هود وصالح.

قلتُ: وقد قدَّمنا حجَّهما إليه (٧). والمقصودُ الحجُّ إلى محلَّته، وبُقْعَتِه، وإنْ لم يكنْ ثَمَّ بناء، والله أعلم.


(١) في ذلك أقوال وردت في الجزء الأول فى قصة شعيب.
(٢) في الدلائل (٢/ ٤٤، ٤٥).
(٣) في ط: محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، والمثبت من ح ودلائل البيهقي وهو محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن جميل البغدادي المشهور بالجمال المتوفى سنة ٣٤٦ هـ. ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٥/ ٥٤٧ - ٥٤٨).
(٤) في ح، ط: يزيد بن أبي الخير. وهو تصحيف، والمثبت من دلائل البيهقي. ويزيد هو ابن أبي حبيب، وأبو الخير هو مرثد بن عبد الله اليزني، ورواية كل منهما عن الآخر ثابتة في ترجمتهما في تهذيب التهذيب (١٠/ ٨٢ و ١١/ ٣١٨).
(٥) قول الربيع وإسناده في دلائل البيهقي (٢/ ٤٥).
(٦) قول يونس عن ابن إسحاق ساقه البيهقي في الدلائل (٢/ ٤٥، ٤٦).
(٧) في الجزء الأول عند قصة هود وصالح.