للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الكلام يوافق ما ذكرناه ولله الحمد.

وروى الحاكم في "مستدركه" (١) من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم - وفيه كلام - عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب رضي لله عنه قال: قال رسول الله : "لما اقترف آدمُ الخطيئة قال: يا رب، أسألُكَ بحقِّ محمد إلَّا (٢) غفرت لي. فقال الله: يا آدم، كيف عَرفْتَ محمدًا ولم أخلُقْهُ بعد؟ فقال: يا رب، لأنك لما خلقتني بيدك، ونفخْتَ فيَّ من روحك، رفعتُ رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله. فعلمتُ أنك لم تُضِفْ إلى اسمك إلا أحبَّ الخَلْقِ إليك. فقال الله: صدقتَ يا آدمَ، إنه لأحبُّ الخَلْقِ إليّ، وإذ قد سألتني بحقه فقد غفرتُ لك، ولولا محمد ما خلقتك".

قال البيهقي: تفرَّد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف (٣)، والله أعلم.

وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٨٢)[آل عمران: ٨١، ٨٢].

قال عليُّ بن أبي طالب وعبدُ الله بن عباس : ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذَ عليه الميثاق، لئن بُعث محمدٌ وهو حيٌّ ليؤمنَنَّ به ولَينصُرَنَّه، [وأمرَه أنْ يأخذَ الميثاق على أُمته، لئن بُعث محمدٌ وهم أحياء ليؤمنُنَّ به ولينصرُنَّه] (٤).

وهذا تنويهٌ وتنبيهٌ على شرفِهِ وعظمته في سائر المِلَل، وعلى ألسنة الأنبياء، وإعلامٌ لهم ومنهم برسالته في آخر الزمان، وأنه أكرمُ المرسلين وخاتمُ النبيِّين.

وقد أوضح أمره وكشف خبرَه وبيَّن سرَّه (٥)، وجلَّى مجده (٦) ومولده وبلده، إبراهيمُ الخليل في قوله حين فرغ من بناء البيت: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)[البقرة: ١٢٩] فكان أوَّلُ بيانِ أمرهِ على الجليَّة والوضوح بين أهلِ الأرض، على لسان إبراهيم الخليل أكرم الأنبياء على الله بعد محمد صلوات الله عليه وسلامه عليهما وعلى سائر الأنبياء.


(١) مستدرك الحاكم (٢/ ٦١٥).
(٢) في المستدرك: لما.
(٣) عقب عليه الذهبي بقوله قلت: بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ.
(٤) ما بين المعقوفين مستدرك في هامش ح.
(٥) في ح: مسيره.
(٦) كذا في ط، وفي ح: وحكى محتده.