للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)[الأعراف: ١٥٧] الآية.

قال الإمام أحمد (١): حدّثنا إسماعيل، عن الجُرَيْرِي، عن أبي صخر العقيلي (٢)، حدّثني رجلٌ من الأعراب قال: جلبت جلوبة إلى المدينة في حياةِ رسول الله : فلما فرغتُ من بيعي (٣) قلت: لألقيَنَّ هذا الرجل، فلأسمعنَّ منه. قال: فتلقاني بين أبي بكبر وعمر يمشون، فتبعتُهم [في أقفائهم] حتى أتَوْا على رجل من اليهود، ناشر التوراة يقرؤها، يُعَزِّي بها نفسه عن ابنٍ له في الموت كأحسن الفتيان وأجمله (٤). فقال رسول الله : "أنْشُدُك بالذي أنزل التوراة، هل تجدني في كتابك، ذا صفتي ومَخْرَجي؟ " فقال برأسه هكذا - أي لا - فقال ابنه: إي والذي أنزلَ التوراة إنَّا لنَجِدُ في كتابنا صفَتَك ومَخْرَجك، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسولُ الله. فقال: "أقيموا اليهوديَّ عن أخيكم". ثم وليَ جَنَنَهُ (٥) وكَفَنَهُ والصلاة عليه.

هذا إسنادٌ جيِّد، وله شواهدُ في الصحيح عن أنس بن مالك، .

وقال أبو القاسم البغوي: حدّثنا عبد الواحد بن غياث، أبو بَحْر، حدّثنا عبد العزيز بن مسلم، حدّثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن الفَلَتان (٦) بن عاصم، وذكر أن خاله قال: كنتُ جالسًا عند النبي إذْ شخَصَ بصَرُه إلى رجل، فإذا يهوديٌّ عليه قميص وسراويل ونعلان، قال: فجعل النبيُّ يكلِّمُه وهو يقول: يا رسول الله! فقال رسول الله : "أتشهدُ أني رسولُ الله " قال: لا. قال رسول الله : أتقرأ التوراة قال: نعم. قال: "أتقرأ الإنْجيل"؟ قال: نعم. قال: "والقرآن "؟ قال: لا، ولو تشاءُ قرأتُه. فقال النبيُّ : "فبمِ تقرأ التوراة والإنجيل، أتَجِدُني نبيًّا؟ " قال: إنَّا نَجِدُ نَعْتَكَ ومَخْرَجَك، فلمَّا خرجتَ رَجَوْنا أنْ تكون فينا، فلما رأيناك عرفناك أنَكَ لَسْتَ به. قال رسولُ الله : "ولمَ يا يهودي"؟ قال: إنَا نجدُه مكتوبًا: يدخلُ من أمَّتِهِ الجنَّةَ سبعونَ ألفًا بغير حساب، ولا نرى معك إلا نفرًا يسيرًا، فقال رسول الله : "إن أمتي لأكثر من سبعين ألفًا وسبعين ألفًا".


(١) مسند الإمام أحمد (٥/ ٤١١) وما يأتي بين معقوفين منه. والحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، والحسن بن سفيان في مسنده من طريق سالم بن نوح عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن أبي صخر كما في الإصابة (٤/ ١٠٧).
(٢) ضبط في الكنى لمسلم ص ١٣٢، بضم العين وفتح القاف ضبط قلم.
(٣) في المسند: بيعتي.
(٤) في ط: وأجملهم والمثبت من ح ومسند أحمد.
(٥) "الجنن": القبر. واللفظة ساقطة من ط، والعبارة في المسند "ثم ولي كفنه، وحنَّطه وصلى عليه".
(٦) في ط: الصلتان، وفي ح: الغلتان، بغين معجمة، والمثبت من التجريد (٢/ ٨) والإصابة (٣/ ٢٠٩) والتاج (فلت).