للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى البيهقيُّ (١) عن عمر (٢) بن الحكم بن رافع بن سِنَان، حدّثني بعض عمومتي وآبائي، أنهم كانتْ عندهم ورقةٌ يتوارثونها في الجاهلية، حتى جاء اللّه بالإسلامُ، وهي (٣) عندهم، فلما قَدِم رسولُ اللّه المدينة ذكروها له، وأتوه بها مكتوبٌ فيها: بسم اللّه وقولُه الحق، وقولُ الظالمين في تباب. هذا الذِّكْر لأُمَّةٍ تأتي في آخرِ الزمان يغسلُون (٤) أطرافَهم، ويَأْتَزِرُون (٥) على أوساطهم، ويخوضون البحور إلى أعدائهم، فيهم صلاةٌ لو كانت في قوم نوحٍ ما أُهلكوا بالطُّوفان، وفي عادٍ ما أهلكوا بالرِّيح، وفي ثَمُودَ ما أُهلكوا بالصَّيْحَة. بسم الله، وقولُه الحق، وقولُ الظالمين في تباب. ثم ذكرَ قصةً أخرى، قال: فعجب رسولُ اللّه لما قُرئت عليه، لمَا فيها.

وذكرنا عند قوله تعالى في سورة الأعراف (٦): ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] قصةَ هشام بن العاص الأموي حين بعثَهُ الصديق، في سريةٍ إلى هِرَقْل يدعوهُ إلى اللّهِ ﷿، فذكر أنَّهُ أخرج لهم صُوَرَ الأنبياء في رُقعة، من آدم إلى محمدٍ صلواتُ اللّه عليه وسلامُه عليهم أجمعين، على النَّعْتِ والشَّكْلِ الذي كانوا عليه؛ ثم ذكر أنه لما أخرج صورةَ رسولِ اللّه قام فائمًا إكرامًا له، ثم جلس وجعل ينظرُ إليها ويتأمَّلُها؛ قال: فقلنا له: من أين لك هذه الصورة؟ فقال: إنَّ آدمَ سأل ربَّهُ أن يُريَهُ الأنبياءَ من ذريته، فأنزل عليه صورَهم، فكان في خزانةِ آدم عند مَغْرِب الشمس، فاستخرجها ذو القرنين، فدفعها إلى دانيال. ثم قال: أما واللّه إنَّ نفسي قد طابتْ بالخروج من مُلْكي وأني كنتُ عبدًا لأشَرِّكُمْ مَلَكَةً (٧) حتى أموت. ثم أجازنا فأحسن جائزتنا وسرَّحَنا. فلما أتينا أبا بكرٍ الصَّدِّيق فحدثْناه بما رأينا وما أجازنا وما قال لنا، فال: فبكى وقال: مسكين لو أراد اللّهُ به خيرًا لفعل. ثم قال: أخبرنا رسولُ اللّه أنهم واليهود يجدون نَعْتَ محمدٍ عندهم.

رواهُ الحاكمُ بطوله فَلْيُكْتَب هاهنا من التفسير. ورواه البيهقي في دلائل النبوة (٨).


(١) في دلائل النبوة (١/ ٣٨٢).
(٢) في ح، ط: عثمان بن الحكم بن رافع، وهو تصحيف، والمثبت من دلائل البيهقي وتهذيب التهذيب في ترجمته (٧/ ٤٣٦، ٤٣٧).
(٣) في ط: وبقيت عندهم، والمثبت من ح ودلائل البيهقي.
(٤) في ط: ليبلون، وفي ح: يسلون، وفي دلائل البيهقي: يسبلون، والمثبت من الوفا لابن الجوزي.
(٥) في ح، ط: ويوترون، والمثبت من دلائل البيهقي والوفا.
(٦) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٥١ - ٢٥٣) في تفسير الآية.
(٧) يقال: فلان حَسَنُ المَلَكة، إذا كان حَسَن الصنيع إلى مماليكه، ومنه الحديث: "لا يدخل الجنة سيِّئ الملكة" وهو حديث ضعيف أي الذي يُسيء صُحْبة المماليك. النهاية (٤/ ٣٥٨) (ملك).
(٨) دلائل النبوة (١/ ٣٨٥ - ٣٩٠) وقال ابن كثير بعد ذكر الخبر في تفسيره (٢/ ٢٥٣) وهكذا أورده الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة عن الحاكم إجازة، فذكره، وإسناده لا بأس به.