للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى البيهقي (١) عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبَّار، عن يونس بن بُكير، عن يونس بن عمرو، عن العَيْزَار بن حُرَيث (٢)، عن عائشةَ ، أنَّ رسولَ اللّه قال: "مَكْتوبٌ في الإنجيل: لا فظٌّ ولا غَليظ، ولا سَخَّابٌ في الأسواق، ولا يَجْزي بالسيِّئةِ مِثْلَها، بل يَعْفُو ويَصْفَح".

وقال يعقوب بن سفيان (٣): حدّثنا فيض البَجَلي، حدّثنا سَلام بن مِسْكين، عن مقاتل بن حَيَّان قال: أوحى اللّه ﷿ إلى عيسى ابن مريم: جِدَّ في أمْري، واسمع وأطِعْ يا بن الطاهر (٤) البِكْر البَتُول، أنا خلقتُكَ من غير فَحْل فجعلتك آيةً للعالمين؛ فإيَّاي فاعبُدْ، فبين لأهل سوران بالسُّرْيانية، بَلِّغْ من بين يديك أني أنا الحقُّ القائم الذي لا يزول (٥)، صدِّقوا بالنبيّ الأُمِّيِّ العربي، صاحب الجمل والمِدْرَعة والعمامة -وهي التاج- والنعلَيْنِ والهِرَاوة- وهي القضيب- الجَعْدِ الرأس، الصَّلْتِ الجبين (٦)، المَقْرُونِ الحاجبيْن، الأَنْجَلِ العينَيْن، الأهدبِ الأشفار (٧)، الأدعجِ العينين (٨)، الأقْنَى الأنف (٩)، الواضحِ الخدَّين، الكثِّ الفَحْية، عَرَقُهُ في وَجْهه كاللُّؤْلُؤ، ريح المسك يَنْفَحُ (١٠) منه، كأنَّ عُنُقَهُ إبْرِيقُ فِضَّة، وكأنَّ الذهب يَجْري في تَرَاقيه، له شَعَراتٌ من لَبَّتِهِ إلى سُرَّته، تجري كالقَضيب، ليس في بطنه شَعَرٌ غيره، شَثْن الكَفِّ والقَدَم (١١)، إذا جاء مع الناس غمَرَهُم، وإذا مشى كأنما يتقلَّعُ (١٢) من الصخر ويتحدَّر من صَبَب، ذو النسل القليل - وكأنَّهُ أرادَ الذكورَ من صُلْبِه.

هكذا رواهُ البيهقي في "دلائل النبوَّة" من طريق يعقوب بن سفيان (١٣).


(١) في دلائل النبوة (١/ ٣٧٧).
(٢) في ح، ط: حرب، وهو تصحيف، والمثبت من دلائل البيهقي وتهذيب التهذيب (٨/ ٢٠٣) في ترجمته والتقريب.
(٣) في المعرفة والتاريخ (٣/ ٢٧٥) وهو في قسم النصوص المقتبسة من المجلد المفقود منه.
(٤) في ط: الطاهرة. جاء في اللسان (طهر): والمرأة طاهرٌ من الحيض وطاهرةٌ من النجاسة ومن العيوب.
(٥) في ط: أزول.
(٦) "الصلت الجبين": الواسع الجبين، الأبيض الجبين الواضح. التاج (صلت).
(٧) "الأهدب الأشفار": أي طويل شعر الأجفان. التاج (هدب).
(٨) "الأدعج العينين": يريد أن سواد عينيه كان شديد السواد، وقيل: إن الدَّعج عنده: سواد العين مع شدة بياضها. التاج (دعج).
(٩) "من القنى": وهو ارتفاع في أعلى الأنف، واحديداب في وسطه، وسُبوغ في طرفه اللسان (قنا).
(١٠) "نفَحَ الطِّيبُ": إذا أرِجَ وفاح. التاج (نفح) وفي ط: ينضح، ومعناه بنحوه.
(١١) أي أنهما تميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: هو الذي في أنامله غِلَظٌ بلا قصر، ويُحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضهم. اللسان (شثن).
(١٢) في ح، ط: ينقلع، والمثبت من دلائل النبوة ومختصر ابن منظور لتاريخ ابن عساكر (٢/ ٤٦).
(١٣) دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٧٨).