للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تردَّى لمولودٍ أنارتْ بنورِهِ … جميعُ فِجاجِ الأرضِ في الشّرق والغربِ

وخرَّتْ له الأوثانُ طُرًّا وأُرعدتْ … قلوبُ ملوكِ الأرضِ طُرًّا من الرُّعْب

ونارُ جميعِ الفُرْس باختْ وأظلمت … وقد بات شاهُ الفرسِ في أعظَم الكَرْبِ (١)

وصدّتْ عن الكُهَّان بالغيبِ جِنُّها … فلا مخبرٌ عنه بحقٍّ ولا كِذْبِ

فيالَ قُصَيٍّ ارجعوا عن ضلالِكم … وهبُّوا إلى الإسلام والمنزلِ الرَّحْبِ

قال: فلما سمعوا ذلك خلَصُوا نَجِيًّا، فقال بعضهم لبعض: تصادقوا ولْيَكْتُمْ بعضكم على بعض، فقالوا: أجل. فقال لهم ورقة بن نوفل: تعلمون واللّه ما قومكم على دين، ولقد أخطؤوا المحَجَّة (٢)، وتركوا دينَ إبراهيم؛ ما حجَرٌ تُطيفونَ به، لا يسمع ولا يُبصر، ولا ينفع ولا يضرّ! يا قوم، التمسوا لأنفسكم الدين. قال: فخرجوا عند ذلك، يضربون في الأرض، ويسألون عن الحنيفيَّةِ، دين إبراهيم .

فأمَّا ورقة بن نوفل فتنصَّر، وقرأ الكتب حتى علم علمًا؛ وأما عثمان بن الحُويرث فصار (٣) إلى قيصر فتنصَّر وحسنت منزلته عنده؛ وأما زيد بن عمرو بن نُفيل فأراد الخروج فحُبس، ثم إنه خرج بعد ذلك فضرب في الأرض، حتى بلغ الرقَّةَ من أرض الجزيرة، فلقي بها راهبًا عالمًا فأخبره بالذي يطلب، فقال له الراهب: إنك لتطلبُ دينًا ما تجدُ منْ يحملك عليه، ولكنْ قد أظلَّكَ زمانُ نبيٍّ يخرج من بلدك، يُبعث بدين الحنيفيَّة. فلما قال له ذلك رجع يريدُ مكَّة، فغارت عليه لَخْمٌ فقتلوه؛ وأما عُبيد اللّه بن جَحْش فأقام بمكة حتى بُعث النبيُّ ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة، فلما صار بها تنصَّر وفارق الإسلام، فكان بها حتى هلك هنالك نصرانيًا.

تقدم في ترجمة يزيد بن عمرو بن نُفيل له شاهد (٤).

وقال الخرائطي (٥): حدّثنا أحمد بن إسحاق بن صالح أبو بكر الوزَّان (٦)، حدّثنا عمرو بن عثمان،


(١) "باخت النار": سكنت وفترت. وأبختها: أطفأتها. الأساس والتاج (بوخ).
(٢) في ح، ط: الحجة. والمثبت من الهواتف. والمَحَجة: الطريق المستقيم.
(٣) في ط: فسار، والمثبت من ح والهواتف.
(٤) ورد ذلك في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(٥) في هواتف الجنان (ص ١٦٠) وأخرجه ابن عساكر عن الخرائطي في تاريخه (ج عبادة- عبد اللّه بن ثوب) (ص ٢٣٧، ٢٣٨) وإسناده تالف فإن محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري منكر الحديث (الميزان ٣/ ٦٢٨) ورواه ابن هشام عن بعض أهل العلم بالشعر في السيرة (٢/ ٤٢٧) ورواه السهيلي في الروض (٤/ ١٢٠) عن ابن أبي الدنيا بإسناده عن الزهري به، وأسانيده كلها ضعيفة.
(٦) وقع في ط ومطبوعة الهواتف وتاريخ ابن عساكر: الوراق. وهو تصحيف، والصواب من ح وأصل الهواتف والجرح والتعديل (٢/ ٤١) وتاريخ بغداد (٤/ ٢٨) والأنساب للسمعاني (ق ٥٨٢ ب) (ط: مرغوليوث- ليدن).