للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال لي: "يا عباس، كيف كان إسلامُك"؟ فقصصت عليه القصة. قال: فسُرَّ بذلك، وأسلمتُ أنا وقومي.

ورواهُ الحافظ أبو نعيم في "الدلائل" (١) من حديث أبي بكر بن أبي عاصم، عن عمرو بن عثمان به.

ثمّ رواهُ أيضًا (٢) من طريق الأصمعي، حدّثني الوصافي، عن منصور بن المعتمر، عن قَبيصة بنِ عمرو بن إسحاق الخُزاعي، عن العبَّاس بن مِرْداس السُّلَمي قال: [كان] أوّل إسلامي أنَّ مِرْداسًا أبي لما حضرَتْهُ الوفاةُ أوصاني بصنمٍ له يقال ضمار (٣)، فجعلتُه في بيت وجعلتُ آتيهِ كُلَّ يومٍ مرَّة، فلما ظهر النبيُّ [إذْ] سمعتُ صوتًا مرسلًا في جَوْفِ اللَّيل راعني، فوثبتُ إلى ضمار (٣) مستغيثًا، وإذا بالصوت من جوفه وهو يقول: [من الكامل]

قل للقبيلة من سُلَيْمٍ كُلِّها … هلك الأنيسُ وعاش أهلُ المسجدِ

أودى ضمار (٣) وكان يُعْبَدُ مرة (٤) … قبل الكتابِ إلى النبيِّ محمَّدِ

إنَّ الذي وَرِثَ النبوَّةَ والهُدى … بعدَ ابنِ مَرْيمَ من قريشٍ مُهْتَدِ

قال: فكتمتُه (٥) الناسَ، فلما رجع الناسُ من الأحزاب، بينا أنا في إبلي بطرَفِ العَقيق من ذاتِ عِرْقٍ راقدًا (٦)، سمعتُ صوتًا، وإذا برجلٍ على جناح نعامةٍ وهو يقول: النور الذي وقعَ ليلةَ الثلاثاء مع صاحب الناقة العَضْباء (٧) في ديار إخوان بني العنقاء. فأجابه هاتفٌ من شماله وهو يقول: بَشِّرِ الجِنَّ وإبْلاسَها أنْ وضَعتِ المَطِيُّ أحلاسَهَا، وكَلأتِ السماءُ أحراسَها. قال: فوثبتُ مذعُورًا، وعلمتُ أنَّ محمدًا مُرْسَل، فركبتُ فرسي وأحثثتُ (٨) السيرَ حتى انتهيتُ إليه، فبايعتُه ثم انصرفت إلى ضما (٩)، فأحرقتُه بالنار، ثم رجعتُ إلى رسول اللّه فأنشدتُه شعرًا أقول فيه: [من الطويل]


(١) ليست هذه الرواية في المطبوع من دلائل النبوة لأبي نعيم.
(٢) في الدلائل (١/ ١٤٦) وما يأتي بين معقوفين منه، وذكره السيوطي في الخصائص، وقال فيه: أخرجه ابن جرير والمعافى بن زكريا وابن الطراح في كتاب الشواعر بأسانيدهم. قال بشار: وهذه الأسانيد كلها غير معروفة وكثير منها مختلق، وكذلك أكثر ما أورده الخرائطي في كتابه.
(٣) في ح، ط وأصل الدلائل: ضماد. وسبقت الإشارة إليه في الصفحة السابقة ح ٦.
(٤) في الدلائل: مدة.
(٥) في خ: فكتمه.
(٦) "العقيق": ببطن وادي ذي الحُلَيفة، وهو الأقرب منها، وهو الذي جاء فيه أنه مهلُّ أهل العراق من ذات عِرْق.
معجم البلدان (٤/ ١٣٩/ العقيق).
(٧) "العضباء": ناقة النبي ، وعضباء: أي مشقوقة الأذن، ولم تكن مشقوقة الأذن. النهاية (٣/ ٢٥١/ عضب).
(٨) في ط: واحتثثت. وفي الدلائل: وأجشمت. والمثبت من ح.
(٩) في ح، ط: وأصل الدلائل: ضماد.