للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا عقيل، والعالِمِ الخفيَّة، والغافر الخطيَّة، والذِّمَّةِ الوفيَّة، والكعبةِ المبنيَّة، إنك للجائي بالهديَّة، الصفيحةِ الهندية، والصعدةِ الرُّدَينيَّة. قالوا: صدقتَ يا سَطيح، فقال والآتي (١) بالفَرَح، وقوسِ قزَح، وسائرِ القُرَّح (٢)، واللَّطيم المُنْبَطِح (٣)، والنَّخْلِ والرُّطَب والبَلَح، إنَّ الغراب حيثُ مرَّ سَنَح، فأخبر أنَّ القومَ ليسوا من جُمَح، وأنَّ نسبَهُم من قريشٍ ذي البُطَح. قالوا: صدقتَ يا سَطيح، نحن أهلُ البيت الحرام، أتيناك لنزوركَ لما بَلَغنا من عِلْمِك، فأخْبِرْنا عمَّا يكونُ في زماننا هذا، وما يكون بعده، فلعل أنْ يكونَ عندك في ذلك عِلْم. قال: الآن صدقتم، خذوا مني ومن إلهام اللّهِ إيَّاي، أنتم يا معشر العرب في زمان الهرَم، سواءٌ بصائركم وبصائر العَجَم، لا علم عندكم ولا فَهْم، ويَنْشَؤُ من عَقِبكم ذوو فَهْم (٤)، يطلبون أنواعَ العلم، فيكسرون الصَّنَم، ويبلغون الرَّدْم (٥)، ويقتلون العُجْم، يطلبون الغُنْم. قالوا: يا سَطيح، فمن يكون أولئك؟ فقال لهم: والبيت ذي الأركان، والأمن والسكان (٦) ليَنْشَؤُنَّ من عقبكم وُلْدان، يكسرون الأوثان، ويُنكرون (٧) عبادة الشيطان، ويوحِّدُونَ الرحمن، وينشُرون دينَ الدَّيَّان، يُشرفون البنيان، ويستفتون الفتيان (٨). قالوا: يا سطيح، من نَسْلِ مَنْ يكونُ أولئك؟ قال: وأشرفِ الأشراف، والمُحْصي للإسراف، والمزعزعِ الأحْقَاف (٩)، والمضعِفِ الأضعاف، ليَنْشَؤُنَّ الآلاف، من عبدِ شمسٍ وعبدِ مَناف، نُشوءًا يكون فيه اختلاف. قالوا: يا سوءتاهُ يا سَطيح ممَّا تخبرنا من العلم بأمرهم! ومن أيِّ بلدٍ يخرج أولئك؟ فقال: والباقي الأبَد، والبالغِ الأمَد، ليخرجَنَّ من ذا البلد، فتىً يَهْدي إلى الرَّشَد، يرفضُ يَغُوثَ والفَنَد (١٠)، يبرَأ من عبادة الضدد، يعبدُ ربًّا انفرد، ثم يتوفاه اللَّه محمودًا، من الأرض مفقودًا، وفي السماء مشهودًا. ثم يلي أمره الصدِّيق إذا قضى صدق، في ردِّ الحقوق لا خرِقٌ ولا نزِق؛ ثم يلي أمره الحَنيف، مُجَرِّبٌ غِطْريف، ويترك قولَ العنيف (١١). قد ضاف المضيف. وأحكم التحنيف. ثم يلي أمره داعيًا لأمره مجرِّبا (١٢). فتجتمع له جموعًا


(١) في ح والدلائل وابن عساكر: والآتِ والمثبت من ط.
(٢) كذا في ح، ط وأظن رواية الخصائص وابن عساكر أشبه بالصواب، وهي: والسابق القرَّح. والقرح: جمع قارح، وهي من ذي الحافر ما استتم الخامسة، والسابق هو الأول في الخيل في السباق. اللسان (قرح، سبق).
(٣) "اللطيم": هو التاسع من سوابق النخيل، وذلك أنه يلطم وجهه فلا يدخل السرادق. اللسان (لطم).
(٤) في ح: دونهم، وفي تاريخ ابن عساكر والخصائص: دَهْم. وهم الجماعة الكثيرة.
(٥) "الرَّدْم": قرية بالبحرين. (معجم البلدان).
(٦) في تاريخ دمشق والخصائص: والسلطان.
(٧) في تاريخ دمشق والخصائص: ويتركون.
(٨) كذا في ط وفي الدلائل: ويقتنون القيان، وسقطت العبارة من ح، وفي تاريخ دمشق والخصائص: ويسبقون العميان.
(٩) "الأحقاف": جمع حقف، وهو أصل الرمل وأصل الجبل وأصل الحائط. اللسان (حقف).
(١٠) "يغوث": من أصنام الجاهلية، والفند: الخطأ في الرأي والقول، والكذب.
(١١) زاد في رواية ابن عساكر هنا: يعني عمر.
(١٢) كذا في الدلائل وط، وحُرّف في ح إلى: دراعًا لأمره محرمًا، وفي تاريخ دمشق والخصائص: دارع لأمره =