للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتَّى ينزل، فإذا نزل قال بعضُهم لبعض: ماذا قال ربُّكم؟ فإن كان مما يكون في السماء قالوا: الحق وهو العليُّ الكبير، وإنْ كان مما يكون في الأرض من أمر الغَيْبِ أو موتٍ أو شيءٍ مما يكون في الأرض تكلَّموا به فقالوا: يكون كذا وكذا، فتسمَعُه الشياطين فينزلونه على أوليائهم، فلما بُعث النبيُّ محمد دُحِروا بالنجوم، فكان أولَ مَنْ علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه، فيذبح كل يومٍ شاة وذو الإبل ينحَرُ (١) كل يومٍ بعيرًا، فأسرع الناس في أموالهم، فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا فإنْ كانت النجومُ التي يُهتدَى بها، وإلَّا فإنه لأمرٍ حدث. فنظروا فإذا النجومُ التي يُهتدى بها كما هي لم يَزُلْ منها شيء (٢)، فكفُّوا، وصرف اللَّه الجِنَّ، فسمعوا القرآن، فلما حضروه قالوا: أنصتوا. وانطلقتِ الشياطين إلى إبليسَ فأخبروه، فقال: هذا حدَثٌ حدَثَ في الأرض، فأْتُوني من كلِّ أرضٍ بتربة، فأتَوْهُ بتربةِ تهامة، فقال .. هاهنا الحدث.

[ورواه البيهقي والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب] (٣).

وقال الواقدي: حدّثني أسامة بن زيد بن أسلم عن عمرو بن عبد اللَّه العبسي (٤)، عن كعب قال: لم يُرْمَ بنجم منذ رُفع عيسى حتَّى تنبَّأ رسولُ الله فرُمي بها، فرأت قريشٌ أمرًا لم تكن تراه، فجعلوا يُسَيِّبُونَ أنعامهم ويعتقون أرقَّاءَهم يظنُّون أنه الفَنَاء، فبلغ ذلك من فعلهم أهلَ الطائف ففعلتْ ثقيفٌ مثل ذلك، فبلغ عبدَ يا ليل بنَ عمرو ما صنعتْ ثقيف. قال: ولم فعلتُم ما أرى؟ قالوا: رُمي بالنجوم، فرأيناها تهافَتُ من السماء. فقال: إنَّ إفادةَ المال بعد ذهابه شديد، فلا تعجلوا وانظروا، فإنْ تكنْ نجومًا تُعرف فهو عندنا من فناء الناس، وإن كانت نجومًا لا تعرف فهو لأمر قد حدث. فنظروا فإذا هي لا تُعرف، فأخبروه فقال: الأمر فيه مُهْلَةٌ بعدُ، هذا عند ظهور نبي. فما مكثوا إلا يسيرًا حتَّى قدم عليهم أبو سفيان بن حرب إلى أمواله، فجاءَهُ عبدُ يا ليل فذاكره أمر النجوم، فقال أبو سفيان: ظهر محمد بن عبد اللَّه يدَّعي أنه نبيٌّ مرسل. فقال عبدُ يا ليل: فعند ذلك رُمي بها (٥).

وقال سعيد بن منصور عن خالد، عن (٦) حصين، عن عامر الشعبي قال: كانت النجومُ لا يُرمى بها


(١) في ح، ط: فينحر. والمثبت من المصنف.
(٢) في المصنف: لم يرم منها بشيء.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من ح وقد أورده البيهقي في الدلائل بألفاظ مقاربة (٢/ ٢٤٠).
(٤) كذا في ح وفي ط: عمر بن عبدان العبسي. ولم أقف على ترجمة له، والخبر ساقه أبو الفرج بن الجوزي في الوفا (١/ ١٧٤) وروى فيه عن أبي بن كعب.
(٥) إسناده تالف، الواقدي متروك، وأسامة بن زيد بن أسلم ضعيف، وشيخه عمرو بن عبد اللَّه العبسي مجهول. (بشار).
(٦) في ح، ط: خالد بن حصين. تصحيف، والمثبت من دلائل البيهقي (٢/ ٢٤١) ومما ثبت من رواية خالد بن عبد اللَّه الواسطي، عن حصين بن عبد الرحمن في تهذيب الكمال للمزي في ترجمتيهما، ورواية سعيد بن منصور عن خالد.