للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"وتفعلون" (١) قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل فقال: إنَّ ربَّكَ يقرأُ عليك السلام ويقول لك: إنْ شئتَ أصبح الصَّفا لهم ذهبًا. فمَنْ كفر منهم بعد ذلك أعذِّبُه عذابًا لا أعذِّبه أحدًا من العالمين، وإنْ شئتَ فتحتُ لهم باب الرحمة والتوبة، قال: "بل باب التوبة والرحمة".

وهذان إسنادان جيِّدان، وقد جاء مرسلًا عن جماعةٍ من التابعين، منهم سعيد بن جُبير وقتادة وابن جُريج وغير واحد.

وروى الإمام أحمد والترمذي (٢)، من حديث عبد الله بن المبارك حدّثنا يحيى بن أيُّوب، عن عُبيد الله بن زَحْر، عن علي بن يَزيد، عن القاسم، عن (٣) أبي أمامة، عن النبيِّ قال: "عَرَضَ عليَّ ربِّي ﷿ أن يجعلَ لي بطحاءَ مكَّةَ ذهبًا، فقلت: لا يا ربّ، [ولكن] أشبع يومًا وأجوع يومًا -أو نحو ذلك- فإذا جعتُ تضرَّعْتُ إليك وذكرتُك، وإذا شبعتُ حَمِدْتُك وشكرتك" لفظ أحمد. وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسن، وعليُّ بن يزيد يُضعَّف في الحديث.

وقال محمد بن إسحاق (٤): حدّثني شيخٌ من أهل مصر -قدم علينا منذ بضعٍ وأربعين سنة- عن عكرمة، عن ابن عباس قال: بعثتْ قريشٌ النَّضْرَ بن الحارث وعُقْبة بن أبي مُعَيط إلى أحبار يهود بالمدينة، فقالوا لهما: سلوهم عن محمد وصفوا (٥) لهم صفته وأخبروهم (٥) بقوله، فإنَّهم أهلُ الكتاب الأول، وعندهم علْمُ ما ليس عندنا من علم الأنبياء. فخرجا حتى قدِمَا المدينة، فسألا أحبارَ يَهُود عن رسولِ الله ووصفوا (١) لهم أمْرَهُ وبعضَ قوله، وقالا: إنَّكم أهلُ التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا. فقالت لهم أحبارُ يهود: سلوه عن ثلاثٍ نأمرُكم بهنّ، فإنْ أخبركم بهنَّ فهو نبيٌّ مرسَل، وإنْ لم يفعلْ فالرجل متقوِّل، فرَوْا فيه رأْيَكم: سلوهُ عن فتيةٍ ذهبوا في الدَّهْر الأول ما كان من أمرهم؟ فإنَّه قد كان لهم حديثٌ عجيب؛ وسلوه عن رجل طوَّاف بلغ (٦) مشارق الأرض ومغاربها، ما كان [نَبَؤُه] (٧)؛ وسلوه عن الروح ما هو (٨)؛ فإنْ أخبركم بذلك فهو نبيٌّ فاتَّبِعُوه، وإنْ لم يخبرْكم فإنَّه رجلٌ متقوِّل، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.


(١) في ح، ط: وتفعلوا، والمثبت من مسند أحمد.
(٢) مسند أحمد (٥/ ٢٥٤) وجامع الترمذي (٢٣٤٧ م) الزهد باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه وفي إسناده ضعف.
(٣) في ح: القاسم بن أبي أسامة. والمثبت من مسند أحمد والترمذي، وما يأتي بين معقوفين منهما.
(٤) في سيرة ابن إسحاق (ص ٢٠١) وسيرة ابن هشام (١/ ٣٠٠) والروض (٢/ ٣٩).
(٥) في ط وسيرة ابن هشام والروض: وصفا … وأخبراهم، والمثبت من ح وسيرة ابن إسحاق.
(٦) في ط: طاف، والمثبت من ح.
(٧) ما بين معقوفين من سيرة ابن إسحاق وسيرة ابن هشام.
(٨) في ط وسيرة ابن هشام والروض: ما هي، والمثبت من ح والسير والمغازي. والروح: مذكر وقد يؤنث. اللسان (روح).