للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأرْضَ فنادى منادٍ: ذهبتْ ناقتُك يا ابْنَ الحُصَيْن، فانْطلقتُ فإذا هي يقطع دُونها السراب، فواللَّه لوَدِدْتُ أني كُنْتُ تركتها، هكذا رواه هاهنا. وقد رواه في كتاب المغازي (١)، وكتاب التوحيد (٢)، وفي بعض ألفاظه: "ثمَّ خَلَقَ السَّمَاواتِ والأرْضَ"، وهو لفظُ النَّسائي (٣) أيضًا.

وقال الإمامُ أحمد (٤): حدَّثنا حجاج، حدثني ابن جُريج، أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اللَّه بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة قال: أخَذ رسولُ اللَّهِ بيدي فقال: "خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبةَ يومَ السَّبْتِ، وخَلقَ الجِبالَ فِيْها يومَ الأحدِ، وخَلَقَ الشَّجَرَ فِيْها يَوْمَ الإثْنين، وخلقَ المَكْرُوه فيها يومَ الثَّلاثاءَ، وخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأرْبعاءِ، وَبثَّ الدَّواب فيها (٥) يومَ الخَميسِ، وخَلَقَ آدمَ بعْدَ العَصْرِ يَوْمَ الجُمُعةِ آخر الخَلْقِ في آخِرِ ساعَةٍ منْ سَاعاتِ الجُمُعةِ فِيْما بينَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ".

وهكذا رواه مسلم (٦) عن سُرَيْج بن يونس وهرون بن عبد اللَّه، والنَّسائي (٧) عن هارون ويوسف بن سعيد، ثلاثتهم عن حجاج بن محمد المِصِّيصي (٨) الأعور، عن ابن جُرَيْج، به مثله سواء.

وقد رواه النَّسائي (٩) في التفسير عن إبراهيم بن يعقوب الجُوْزجَاني (١٠)، عن محمد بن الصَّباح، عن


(١) البخاري (٤٣٦٥) عن أبي نعيم، و (٤٣٨٦) عن عمرو بن علي.
(٢) البخاري (٧٤١٨) عن عبدان.
(٣) أخرجه النسائي في الكبرى (١١٢٤٠).
(٤) زاد في المطبوع: ابن حنبل، والحديث في مسنده (٢/ ٣٢٧).
(٥) كذا في أ، ب وفي مسند أحمد، ومسلم: "وبث فيها الدواب. . ".
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٨٩) في المنافقين: باب ابتداء الخلق وخلق آدم .
ورواه أيضًا أحمد في المسند (٢/ ٣٢٧) والبيهقي في الأسماء والصفات صفحة (٣٨٣) ونقل تضعيفه عن بعض الأئمة، وقد تقدم أن ابن كثير قال: وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه ابن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ، والحديث في صحيح مسلم سنده صحيح، وقد صحَّحه الشوكاني في "فتح القدير" وإنما تكلم عليه بعض العلماء من جهة متنه، ورأوا أنه معارض للقرآن، والذي صحح الحديث سندًا ومتنًا رأى أنه لا تعارض بينه وبين القرآن، فإن اللَّه تعالى ذكر في القرآن أنه خلق السماوات والأرض جميعًا في ستة أيام، وخلق الأرض وحدها في يومين، وهذا الحديث بين أن اللَّه تعالى خلق ما في الأرض في سبعة أيام، ويحتمل أن تكون هذه الأيام السبعة غير الأيام الستة التي ذكرها اللَّه تعالى في خلق السماوات والأرض، وحينئذ لا تعارض، وإنما فصَّل هذا الحديث كيفية الخلق على الأرض وحدها، واللَّه تعالى أعلم.
(٧) أخرجه النسائي في الكبرى (١١٠١٠).
(٨) المصيصي، بكسر الميم والصاد المشددة: نسبة إلى المصيصة؛ مدينة على ساحل البحر. اللباب (٣/ ٢٢١) وضبطها ياقوت بفتح الميم. (معجم البلدان).
(٩) أخرجه النسائي في الكبرى (١١٣٩٢).
(١٠) الجُوزَجاني، بضم الجيم الأولى، وسكون الواو، وفتح الزاي: نسبة إلى مدينة بخراسان. الأنساب (٣/ ٣٦١) ومعجم البلدان (جوزجان).