للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي عُبيدة الحدَّاد، عن الأخضر (١) بن عجلان، عن ابن جُريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ اللَّه ، أخذَ بِيَدِهِ فقال: "يا أبا هُرَيْرةَ إنَّ اللَّهَ خَلقَ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنهما في ستَّةِ أيَّامٍ ثُمَّ اسْتوى على العَرْشِ يَوْمَ السَّابعِ، وخَلَقَ التُّرْبةَ يومَ السَّبْتِ"، وذكر تمامه بنحوه، فقد اختلف فيه على ابن جريج (٢).

وقد تكلم في هذا الحديث علي بن المديني والبخاري والبيهقي، وغيرهم من الحفاظ (٣).

قال البخاري في "التاريخ" (٤): وقال بعضُهم: عن كعب، وهو أصح، يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقَّاه من كعب الأحبار، فإنهما كانا يصطحبان ويتجالسان للحديث، فهذا يُحدِّثُه عن صحفه، وهذا يحدثه بما يصدّقه عن النبي (٥) فكان هذا الحديث مما تلقّاه أبو هريرة، عن كعب، عن صحفه، فوهم بعضُ الرواة فجعله مرفوعًا إلى النبي وأكَّدَ رفعَه بقوله: "أخَذَ رسول اللَّه بيدي". ثم في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات (٦)، وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن (٧)، لأنَّ الأرض خُلقت في أربعة أيام، ثم خُلقت السماواتُ في يومين من دُخان، وهو بُخار الماء الذي ارتفع حين اضطرب الماء العظيم الذي خلق من رُبدة (٨) الأرض بالقدرة العظيمة البالغة، كما قال إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي الكبير في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة الهمْداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول اللَّه ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٩]


(١) في أ: الأحصن؛ وفيه تصحيف وتحريف. والأخضر بن عجلان الشيباني من رجال التهذيب، قال ابن حجر في التقريب: (١/ ٥٠) صدوق.
(٢) زاد في ب: وقد أسنده الحافظ ابن عساكر في ترجمة غنايم بن أحمد: مسلسلًا يقول كل منهم شبك بيدي فلان.
وفي السند غرابة إلى إبراهيم بن أبي يحيى قال: شبك بيدي أيوب بن خالد وقال: شبك بيدي: أبو هريرة وقال: شبك بيدي رسول اللَّه وقال: "خلق اللَّه آدم يوم الجمعة، والأرض يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الإثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والبحار يوم الخميس". فهذا إسناد غريب، وقد سقط منه عبد اللَّه بن رافع وآخر في المتن، ففيه نكارة شديدة سندًا ومتنًا. واللَّه أعلم.
ورواه الحاكم في علوم الحديث صفحة (٣٣) وأشار الحاكم إلى تضعيفه هكذا مسلسة بالتشبيك، وعلته إبراهيم بن أبي يحيى، فإنه متروك وأصله في صحيح مسلم غير مسلسل.
(٣) راجع الموضوع في جامع الأصول (٤/ ٢٥، ٢٦) وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي (٧/ ٢٤٣).
(٤) راجع تاريخ البخاري (١/ ٤١٣ - ٤١٤).
(٥) في ب: عن رسول اللَّه.
(٦) زاد في ب: والأرض.
(٧) وقد تقدم التعليق في الصفحة التي قبلها (٣١) أنه لا يخالف القرآن، فانظره.
(٨) الرُّبدة: لون إلى الغُبرة.