للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالوا: أنت يا أبا الوليد. فأتاهُ عتبةُ فقال: يا محمد أنت خيرٌ أمْ عبدُ الله؟ فسكت رسولُ الله . فقال: أنت خيرٌ أمْ عبد المطلب؟ فسكت رسولُ الله . قال: فإنْ كنتَ تزعم أنَّ هؤلاء خيرٌ منك فقد عبدُوا الآلهة التي عِبْتَ، وإنْ كنت تزعمُ أنك خيرٌ منهم فتكلَّم حتى نسمع قولك، إنَّا والله ما رأينا سَخْلَةً (١) قطُ أشأم على قومه منك، فرَّقتَ جماعتنا، وشتَّتَّ أمرنا، وعِبتَ ديننا، وفضَحْتَنا في العرب حتى لقد طار فيهم أنَّ في قريش ساحرًا، وأنَّ في قريش كاهنًا؛ والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحُبْلى (٢) أن يقوم بعضُنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى؛ أيها الرجل، إنْ كان إنما بك الحاجة جمَعْنا لك حتى تكون أغْنَى قريش رجلا، وإنْ كان إنما بك الباءَة (٣) فاخْتَرْ أي نساءِ قريش شئت فلنزوجك عَشْرًا. فقال رسول الله : "أفرغتَ (٤)؟ " قال: نعم. فقال رسولُ الله : ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ إلى أنْ بلغَ ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ [فصلت: ١٣]. فقال عتبة: [حَسْبُك] (٥) ما عندك غير هذا؟ قال: "لا" فرجع إلى قُريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركتُ شيئًا أرى أنَّكم تكلِّمونه إلا كلَّمتُه [به] (٦). قالوا: فهل أجابك؟ فقال نعم. ثم قال: لا والذي نصَبَها بنيَّة، ما فهمتُ شيئًا مما قال، غير أنه أنذركم صاعقةً مثل صاعقةِ عادٍ وثمود. قال: ويلك يكلِّمُك الرجلُ بالعربية لا تدري ما قال؟! قال: لا والله ما فهمتُ شيئًا مما قال غير ذكر الصاعقة.

وقد رواه البيهقي (٧) وغيره عن الحاكم وغير (٨)، عن الأصم، عن عباس الدُّوري، عن يحيى بن مَعِين، عن محمد بن فُضَيل، عن الأجْلَح به، وفيه كلام (٩)، وزاد: وإنْ كنتَ إنما بك الرِّياسة عقَدْنا ألويتنا لك، فكنتَ رأسًا ما بَقيت.

وعنده أنه لما قال: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ [فصلت: ١٣] أمسك عتبةُ


(١) في النهاية: سخل، السخل: المولود المحبب إلى أبويه. وهو في الأصل ولد الغنم.
(٢) كذا في ط ومصنف ابن أبي شيبة وفي ح بإهمال الحروف، وفي المطالب العالية: صيحة الخيل. وهو أشبه بالصواب.
(٣) في ح، ط: الباه، والمثبت من مصنف ابن أبي شيبة والمطالب.
(٤) في ح، ط: فرغت من غير همزة، والمثبت من مصادر الخبر.
(٥) الزيادة من المصنف والمطالب.
(٦) الزيادة من المصنف والمطالب.
(٧) في دلائل النبوة (٢/ ٢٠٢ - ٢٠٤).
(٨) ليست اللفظة في ط وأثبتها من ح.
(٩) يعني الأجلح، وقد ضعفه أحمد وأبو داود والنسائي وابن سعيد والجوزجاني والساجي وابن حبان وابن الجارود، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. واختلف فيه قول ابن معين بين ثقة وصويلح، كما بيناه في تحرير التقريب (١/ ١٠٦) (بشار).