للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنَّهُ رسولُ الله، وقل له يستغفر لي. قال] (١) جعفر: فخرجْنا حتى أتينا المدينة، فتلقَّاني رسولُ الله واعتنقني، ثم قال: "ما أدْري أنا بفتحِ خيبرَ أفرحُ أمْ بقدومِ جعفر؟ " (٢). ووافق ذلك فتحَ خيبر، ثم جلس، فقال رسول النجاشي: هذا جعفر فسلْه ما صنَعَ به صاحبُنا؟ فقال: نعم، فعل بنا كذا وكذا وحمَلَنا وزوَّدَنا، وشهد أنْ لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وقال لي: قل له يستغفر لي. فقام رسولُ الله فتوضأ، ثم دعا ثلاثَ مرَّات: "اللهمَّ اغْفِرْ للنجاشي" فقال المسلمون: آمين. ثم قال جعفر: فقلتُ للرسول: انطلقْ فأخبرْ صاحبَك بما رأيتَ من رسولِ الله .

ثم قال ابن عساكر: حسنٌ غريب.

وأما رواية أمِّ سلمة فقد قال يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق (٣): حدَّثني الزُّهْري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، عن أمِّ سلمة . أنها قالت: لما ضاقت علينا مكة، وأُوذيَ أصحابُ رسولِ الله وفُتنوا ورأوا ما يصيبُهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأنَّ رسول الله لا يستطيعُ دفعَ ذلك عنهم، وكان رسولُ الله في مَنَعةٍ من قومه ومن عمِّه، لا يصلُ إليه شيء مما يكره ومما ينالُ أصحابُه، فقال لهم رسولُ الله-: "إنَّ بأرضِ الحَبَشَةِ مَلِكًا لا يُظلم أحدٌ عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه "فخرجنا إليها أرسالًا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخيرِ دارٍ إلى خير جار، آمنين على ديننا، ولم نخش فيها ظلمًا.

فلما رأتْ قريشٌ أنا قد أصَبْنا دارًا وأمْنًا، [غاروا مِنَّا] (٤)، فاجتمعوا على أنْ يبعثوا إلى النجاشي فينا ليخرجونا من بلاده وليردَّنا عليهم، فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يدعوا منهم رجلًا إلا هيَّؤوا له هدية على حدة، وقالوا لهما: ادفعوا إلى كل بِطْرِيقٍ هديتَهُ قبل أن تتكلَّموا فيهم، ثم ادفعوا إليه هداياه، فإن استطعتم أن يردَّهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا. فقدما عليه فلم يبقَ بطريقٌ من بطارقته إلا قدَّموا إليه هديته، فكلَّموه فقالوا له: إنما قدِمنا على هذا الملك في [سفهاء من] (٥) سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم، ولم يدخلوا في دينكم. فبعثنا قومهم ليردَّهم الملك عليهم، فإذا نحن كلَّمناه فأشيروا عليه بأن يفعل. فقالوا: نفعل. ثم قدَّموا إلى النجاشي هداياه،


(١) ما بين المعقوفين سقط من ح.
(٢) سيأتي تخريج الحديث في (ص ٢٩٦ ح ٤).
(٣) السير والمغازي (ص ٢١٣) واللفظ له، وسيرة ابن هشام (١/ ٣٣٤) والروض (٢/ ٨٧) وأخرجه البيهقي في الدلائل (٢/ ٣٠١) عن الحاكم وأحمد بن الحسن القاضي وأبي سعيد بن ابي عمرو عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس به. وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (١٩٤) عن محمد بن أحمد حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا وهب بن جرير عن جرير عن محمد بن إسحاق به.
(٤) ليس ما بين المعقوفين في مصادر الخبر.
(٥) ما بين معقوفين من مصادر الخبر.