للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن الذي ألصقْتُمُ من كتابكم … لكم كائنٌ نحسًا كراغيةِ السَّقْبِ (١)

أفيقوا أفيقوا قبل أنْ يُحفَرَ الثَّرَى … ويصبحَ من لم يجنِ ذنبًا كذي الذنْب

ولا تَتْبَعُوا أمرَ الوشاةِ وتقطعوا … أواصرَنا بعدَ المودَّة والقُرْبِ (٢)

وتستَجلِبوا حَرْبًا عَوانًا وربما … أمَرَّ على مَن ذاقه حَلَبُ الحرب (٣)

فلسنا وربِّ البيتِ نُسْلم أحمدًا … لعزَّاءَ من حضَّ الزمانِ ولا كَرْب (٤)

ولما تَبِنْ منَّا ومنكُم سوالفٌ … وأيدٍ تبارَتْ بالقساسِيَةِ الشُّهْبِ (٥)

بمعتركٍ ضَيْقٍ ترى كِسَرَ القَنَا … بهِ والنسورَ الطُّخْمَ يعْكُفْنَ كالشَّرْبِ (٦)

كأن مَجَالَ الخيل في حَجَراتِهِ … ومعمعةَ الأبطالِ معركةُ الحرب (٧)

أليس أبونا هاشمٌ شُدَّ أزْرُهُ … وأوصَى بنيهِ بالطِّعانِ وبالضَّرْبِ

ولسنا نملُّ الحربَ حتى تملَّنا … ولا نشتكي ما قد ينوبُ من النَّكْبِ

ولكنَّنا أهلُ الحفائظِ والنُّهى … إذا طارَ أرواحُ الكماةِ من الرُّعْبِ


= موصول بما بعده كقوله تعالى: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ لأن عليكم ليس من صلة التثريب، لأنه في موضع الخبر؛ وأشبه ما يقال في بيت أبي طالب أن خير مخفف من "خيِّر" كهيِّن وميِّت وفي التنزيل ﴿خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ [الرحمن: ٧٠] هو مخفف من خيَّرات. وقوله "ممن من متعلقة بمحذوف، كأنه قال: لا خير أخير ممن خصه الله، وخير أخير: لفظان في جنس واحد فحسُن الحذف استثقالًا لتكرار اللفظ كما حسُن ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ و ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ لما في تكرار الكلمة مرتين من الثقل على اللسان … وفيه يجوز وجه آخر، وهو أن يكون حذف التنوين مراعاة لأصل الكلمة لأن خيرًا من زيد إنما معناه: أخير من زيد، وكذلك شر من فلان، إنما أصله: أشر على وزن أفعل، وحذف الهمزة تخفيفًا، وأفعل لا ينصرف، فإذا انحذفت الهمزة انصرف ونوِّن، فإذا توهمتها غير ساقطة التفاتًا إلى أصل الكلمة لم يبعد حذف التنوين على هذا الوجه مع ما يقويه من ضرورة الشعر. اهـ.
(١) في ح: لصَّقتُم … لراعية الشعب. قال السهيلي في الروض (٢/ ١١١): وقوله كراغية السقب: يريد ولد الناقة التي عقرها قدار، فرغا ولدها، فصاح برغائه كل شيء له صوت فهلكت ثمود عند ذلك، فضربت العرب ذلك مثلًا في كل هلكة اهـ.
(٢) في ح: وتقطعوا عناصرنا …
(٣) جاء في الأساس (حلب): هذا فَيْءُ المسلمين وحَلَبُ أسيافهم. وذاقوا حلب أمرهم: أي وباله. وفي سيرة ابن هشام "جلب" بالجيم.
(٤) "العزَّاء": الشدة من مرض أو موت أو غير ذلك. الأساس (عزز).
(٥) قال السهيلي في الروض: (٢/ ١١١): وقوله بالقساسية الشهب: يعني السيوف، نسبها إلى قساس، وهو مَعْدن حديد لبني أسد، وقيام اسم للجبل الذي فيه المعدن. ورواية ط والسيرة: وأيد أُتِرَّتْ. أي قطعت. وما أثبتُه رواية ح.
(٦) "النسور الطخم": هي السود الرؤوس، قاله صاحب العين، وقال أيضًا: الطخمة سواد في مقدَّم الأنف. الروض (٢/ ١١١).
(٧) "الحَجَرات": النواحي مفردها. حجرة، وهي الناحية. اللسان (حجر).