للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رواه الطبرانيُّ (١) من حديث مُعاوية بن قُرَّة عن ابن عباس مرفوعًا مثله.

فهذه الأحاديث كالمتواترة في إثبات سبع أرضين، والمراد بذلك أن كلَّ واحدة فوقَ الأخرى، والتي تحتَها في وسطها عند أهل الهيئة، حتى ينتهيَ الأمر إلى السابعة، وهي صمَّاء لا جوفَ لها، وفي وسطها المركز، وهي نقطة مقدَّرة متوهَّمة. وهو محطُّ الأثقال، إليه ينتهي ما يَهبطُ من كلِّ جانب إذا لم يُعاوقه مانع. واختلفوا هل هنَّ متراكمات بلا تفاصل، أو بين كلِّ واحدة والتي تليها خَلاء (٢)؟ على قولين. . وهذا الخلاف جارٍ في الأفلاك أيضًا.

والظاهر أن بين كل واحدة منهن وبين الأخرى مسافة، لظاهر قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢] الآية.

وقال الإمام أحمد (٣): حدَّثنا سُريج، حدَّثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: بينا نحن عند رسول اللَّه إذ مرَّت سحابة، فقال: "أتدرون ما هذه؟ " قال: قلنا: اللَّه ورسوله أعلمُ. قال: العَنان، ورَوايا (٤) الأرض يسوقُه إلى من لا يشكرونَه من عباده ولا يَدْعونه، أتدرون ما هذه فوقكم؟ قلنا: اللَّه ورسولُه أعلمُ. قال: الرَّقيع (٥)، موجٌ مكفوفٌ وسقفٌ محفوظٌ. أتدرون كم بينكم وبينها؟ قلنا: اللَّه ورسولُه أعلم. قال: مسيرة خمسمئة عام. ثم قال: أتدرون ما الذي فوقَها؟ قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: مسيرة خمسمئة عام، حتى عدَّ سبعَ سماوات. ثم قال: أتدرونَ ما فوقَ ذلك؟ قلنا: اللَّه ورسولُه أعلمُ. قال: العرش. أتدرونَ كم بينَه وبين السماء السابعة؟ قلنا: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ. قال: مسيرة خمسمئة عام. ثم قال: أتدرون ما هذه تحتكم؟ قلنا: اللَّه ورسولُه أعلم. قال: أرض، أتدرونَ ما تحتها؟ قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: أرض أخرى، أتدرون كم بينهما؟ قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: مسيرة سبعمئة عام، حتى عدَّ سبع أرضين. ثم قال: وايم اللَّه لو دلَّيتم أحدكم إلى الأرض السفلى السابعة لهبطَ. ثم قرأ ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣].

ورواه الترمذي (٦): عن عبد بن حميد، وغيرُ واحد عن يونسَ بن محمد المؤدب، عن شيبانَ بن عبد الرحمن، عن قتادةَ، قال: حدَّث الحسنُ، عن أبي هريرة. . وذكرَه، إلا أنه ذكرَ أن بُعدَ ما بين كل


(١) رواه الطبراني في الكبير (١٢٩٢١) وذكره الهيثمي في المجمع (٤/ ١٧٥) وفيه محمد بن الفضل بن عطية، وهو متروك كذاب، ولفظه: "من أخذ شبرًا من مكَّة. . . ".
(٢) في ب والمطبوع: مسافة.
(٣) في المسند (٢/ ٣٧٠).
(٤) الروايا من الإبل: الحوامل للماء، واحدتها راوية، فشبهها بها. انظر النهاية، لابن الأثير (٢/ ٢٧٩).
(٥) الرقيع: السماء، وقيل: هو اسم سماء الدنيا. انظر جامع الأصول (٤/ ٢٣).
(٦) الجامع (٣٢٩٨) في التفسير.