للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرضين خمسمئة عام، وذكرَ في آخره كلمة ذكرناها (١) عند تفسير هذه الآية من سورة الحديد، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، قال: ويُروى عن أيوب، ويونسَ بن عُبيد، وعلي بن زيد أنهم قالوا: لم يسمع الحسن من أبي هريرة (٢).

ورواه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في "تفسيره" من حديث أبي جعفر الرازي، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، فذكرَ مثل لفظ الترمذي سواء بدون الزيادة في آخر (٣).

ورواه ابن جرير في "تفسيره" عن بشر، عن يزيد، عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة مرسلًا (٤). وقد يكون هذا أشبه واللَّه أعلم.

ورواه الحافظان أبو بكر البزَّار والبيهقيُّ من حديث أبي ذر الغفاري عن النبي (٥) بنحوه. ولكن لا يصح إسناده واللَّه أعلم.

وقد تقدَّم (٦) عند صفة العرش من حديث الأوعال ما يُخالف هذا في ارتفاع العرش عن السماء السابعة وما يشهد له. وفيه: وبعدُ ما بين كلِّ سماءين خمسمئة عام، وكثفها، أي: سمكها خمسمئة عام. وأما ما ذهبَ إليه بعض المتكلِّمين على حديث "طُوَّقهُ من سَبْعِ أرْضِيْنَ" (٧) أنها سبعة أقاليم. فهو قول يُخالف ظاهرَ الآية والحديثَ الصحيح، وصريحَ كثير من ألفاظه مما يعتمد من الحديث الذي أوردناه من طريق الحسن عن أبي هريرة. ثم إنه حَمْلٌ للحديث والآية على خلاف ظاهرهما بلا مستند ولا دليل، واللَّه أعلم.

وهكذا ما يذكره كثير من أهل الكتاب، وتلقَّاه عنهم طائفة من علمائنا، من أن هذه الأرض من تراب، والتي تحتَها من حديد، والأخرى من حجارة من كبريت، والأخرى من كذا، فكل هذا إذا لم يُخْبر به ويصح سندُه إلى معصوم فهو مردود على قائله.


(١) انظر تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير (٤/ ٣٥٩) وقال الترمذيُّ: وفسَّر بعضُ أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنما هبط على علم اللَّه وقدرته وسلطانه، وعلم اللَّه وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش، كما وصف في كتابه.
(٢) رواه الترمذي في جامعه (٣٢٩٨) في التفسير، قلت: وإسناده ضعيف.
(٣) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٤/ ٣٠٣) عن الحسن عن أبي هريرة.
(٤) تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ٦٧٠).
(٥) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٥٩) وقال الحافظ ابن كثير: رواه البزار في مسنده، والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات، وفي متنه غرابة ونكارة.
(٦) تقدم الحديث (ص ١٧).
(٧) تقدم الحديث (ص ٣٥).