للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت: ما غِرْتُ على امرأةٍ للنبي ما غرتُ على خَدِيجة، وهلكَتْ قبل أن يتزوَّجني- لِمَا كنتُ أسمعهُ يذكرُها، وأمرَهُ اللهُ أنْ يُبَشِّرَها ببيتٍ (١) من قصب. وإنْ كان ليذبَحُ الشاةَ فيُهْدِي في خلائلها منها ما يسَعُهنّ. (لفظ البخاري).

وفي لفظٍ (٢) عن عائشة: ما غِرْتُ على امرأةٍ ما غرْتُ على خديجة من كثرة ذِكْرِ رسولِ الله إياها. قالت: وتزوَّجني بعدها بثلاثِ سنين، وأمرَهُ ربُّه -أو جبريل- أن يُبشِّرَها ببيتٍ في الجنَّة من قصَب.

وفي لفظٍ له (٣) قالت: ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبيِّ ما غرتُ على خديجة -وما رأيتُها- ولكنْ كان [النبي ] يُكثر ذكْرَها، وربما ذبح الشاةَ فيقطِّعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائقِ خديجة، فربما قلت [له]: كأنه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة! فيقول: "إنها كانت وكانت، وكان لي منها وَلَد".

ثم قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل، أخبرنا عليُّ بن مُسْهِر عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: استأذنَت هالَةُ بنتُ خُويلد: -أخت خديجة- على رسولِ الله فعَرَفَ استئذانَ خديجة، فارتاعَ [لذلك] فقال: "اللهمَّ هالة". فغِرْتُ فقلت ما تذكرُ من عجوزٍ من عجائز قريش، حمراء الشِّدْقين هلكَتْ في الدهر، أبدلك اللهُ خيرًا منها.

وهكذا رواه مسلم (٤) عن سُويد بن سعيد، عن عليِّ بن مُسْهِر به.

وهذا ظاهرٌ في التقريرِ على أنَّ عائشةَ خيرٌ من خديجة، إمَّا فضلًا وإما عِشْرَةً. إذْ لم يُنكرْ عليها ولا ردَّ عليها ذلك، كما هو ظاهرُ سياقِ البخاري ولكن قال الإمام أحمد (٥): حدَّثنا مؤمَّل أبو عبد الرحمن، حدَّثنا حماد بن سلمة، عن عبد الملك -هو ابنُ عُمير- عن موسى بن طلحة عن عائشة قالت: ذَكَرَ رسولُ الله يومًا خديجةَ فأطنبَ في الثناء عليها، فأدركني ما يُدركُ النساءَ من الغيرة، فقلت: لقد أعقبكَ اللهُ يا رسول الله، من عجوزٍ من عجائزِ قريش حمراء الشدقين. قال: فتغيَّرَ وجْهُ رسولِ الله تغيُّرًا لم أرَهُ تغيَّر عند شيءٍ قط إلا عند نزول الوَحْي، أو عند المَخِيلة (٦) حتى يعلم، رحمةٌ أو عذاب (٧).

وكذا رواهُ عن بَهْزِ بن أسد وعفَّان (٨) بن مسلم، كلاهما عن حمَّاد بن سَلَمَة، عن عبد الملك بن


(١) زادت ط هنا: في الجنة. وليست هذه الزيادة في ح ولا في صحيح البخاري في هذه الرواية.
(٢) هي الرواية التالية للرواية السابقة رقم (٣٨١٧) في صحيح البخاري.
(٣) يعني للبخاري وهي الرواية التالية للرواية السابقة رقم (٣٨١٨). وما يأتي بين معقوفين منه.
(٤) في صحيحه (٢٤٣٧) (٧٨) فضائل الصحابة باب فضائل خديجة أم المؤمين.
(٥) في المسند (٦/ ١٥٤).
(٦) المخيلة": السحابة التي تحسبها ماطرة، أو هي الخليقة بالمطر. النهاية والقاموس (خيل).
(٧) يعني أهي رحمةٌ أو عذاب؛ ووقعت في ط: عذابًا بالنصب خطأً، والمثبت من ح ومسند أحمد.
(٨) في ط: عثمان، تصحيف، والمثبت من ح ومسند أحمد وترجمته في تهذيب التهذيب.