للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفي أُرْجُوحةٍ ومعي صواحبُ لي - فصرخَتْ بي، فأتيتُها ما أدري ما تريدُ مني، فاْخذتْ بيدي حتى أوقفَتني على باب الدار، وإني لأنْهَجُ (١)، حتى سكن بعضُ نفسي، ثمَّ أخذتُ شيئًا من ماءٍ فمسَحْتُ به (٢) وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدَّار، فإذا نسوةٌ من الأنصار في البيت فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر. فأسلَمَتْني إليهن، فأصلَحْنَ من شأني، فلم يَرُعْني إلا رسولُ الله ضُحىً، فأسلمَتْني إليه، وأنا يومئذٍ بنتُ تسع سنين.

وقال الإمامُ أحمد في مسند عائشةَ أمِّ المؤمنين (٣): حدَّثنا محمد بن بشر، حدَّثنا محمد بن عمرو (٤) حدثنا أبو سلمة ويحيى. قالا: لما هلكَتْ خديجةُ جاءتْ خولةُ بنت حكيم امرأةُ عثمانَ بنِ مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تزوَّج؟ قال: "مَنْ؟ " قالت: إنْ شئتَ بكرًا، وإنْ شئت ثيبًا، قال: "فمَنِ البِكْر" قالت: ابنة أحبِّ خلقِ الله إليك عائشة ابنة أبي بكر. قال: "ومَن الثَّيِّب"؟ قالت: سَوْدَة بنتُ زَمَعَة. قد آمنتْ بكَ واتبعتك على ما تقول. قال: "فاذْهبي فاذكُريهما علىّ " فدخلتْ بيتَ أبي بكرٍ فقالت: يا أمَّ رُومان، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة، فالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله أخطُبُ عليه عائشة. قالتْ: انتظري أبا بكرٍ حتى يأتي. فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخل اللهُ عليكم من الخير والبركة! قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسولُ الله أخطُب عليه عائشة قال: وهل تصلُح له؟ إنما هي ابنةُ أخيه، فرجعتْ إلى رسولِ الله فذكرَتْ ذلك له قال: "ارْجِعي إليه فقولي له: أنا أخوكَ وأنتَ أخي في الإسلام، وابنتُكَ تصلُح لي" فرجعَتْ فذكرتْ ذلك له، قال: انتظري، وخرج. قالت أمُ رُومان: إنَّ مُطْعِمَ بن عَدي قد كان ذكرها على ابنه، ووالله ما وَعَدَ وعدًا قطُّ فأخلَفَه لأبي بكر (٥). فدخل أبو بكرٍ على مطعم بن عَدِي وعنده امراتّه أم الصَّبي (٦). فقالت: يا ابن أبي قُحَافة لعلك مُصْبِي (٧) صاحبَنا مُدخلُه في دينِك الذي أنتَ عليه إنْ تزوَّج إليك؟ فقال أبو بكر للمُطْعِم بن عدي: أقول هذه. يقول قال: إنها تقولُ ذلك. فخرج من عنده وقد أذهب اللهُ ما كان في نفسِه من عِدَته التي وعدَه، فرجع فقال لخولة: ادعي لي رسولَ الله فدَعَتْه فزوَّجها إيَّاه، وعائشة يومئذ


= حجر: فوفى. أي كثر، وفي الكلام حذف تقديره: ثم فصلت من الوعك فتربَّى شعري فكثر؛ وقولها: جميمة. مصغَّر الجُمَّة، وهي مجتمع شعر الناصية، ويقال للشعر إذا سقط عن المنكبين جُمَّة، وإذا كان إلى شحمة الأذنين فتح الباري (٧/ ٢٢٤).
(١) "أنهج الرجل": إذا أصابه البَهَر والربو من الجري والتعب، وهو علو النَّفَس. مشارق الأنوار (٢/ ٢٩).
(٢) في ط: فمست، والمثبت من ح وصحيح البخاري.
(٣) مسند أحمد (٦/ ٢١٠).
(٤) في ط: محمد بن بشر، حدثنا بشر، حدثنا محمد بن عمر. زيادة من الناسخ ليست في ح ولا في مسند أحمد.
(٥) في ط: ووالله ما وعد أبو بكر وعدًا قط فأخلفه. والمثبت من ح والمسند.
(٦) كذا في ح، ط، وفي المسند: أم الفتى.
(٧) كذا في ح، ط، وفي المسند: مصبٍ.