للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عِرَاك، عن عروة، أنَّ رسولَ الله خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك. فقال: "أنت أخي في دينِ الله وكتابِه، وهي لي حلال".

هذا الحديث ظاهر سياقه كأنَّهُ مرسل وهو عند البخاري والمحقِّقين متَّصل، لأنه من حديث عروةَ عن عائشة ، وهذا من أفراد البخاري .

وقال يُونس بن بُكير (١): عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: تزوَّج رسولُ الله عائشة بعد خديجة بثلاثِ سنين، وعائشةُ يومئذ ابنة ستِّ سنين، وبَنَى بها وهي ابنةُ تسع. ومات رسولُ الله وعائشة ابنة ثمانية عشرة سنة.

وهذا غريب. وقد روى البخاري (٢) عن عُبيد بن إسماعيل عن أبي أُسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: تُوفِّيتْ خديجةُ قبل مَخْرَجِ النبيِّ [إلى المدينة] بثلاثِ سنين، فلبث سنتَيْن - أو قريبًا من ذلك - ونكَحَ عائشة وهي بنتُ ستِّ سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين. وهذا الذي قاله عروة مرسلٌ في ظاهر السِّيَاق كما قدَّمنا ولكنَّهُ في حُكْمِ المتَّصِل في نفس الأمر. وقوله تزوَّجها وهي ابنة ستِّ سنين وبنى بها وهي ابنة تسع سنين، ما لا خلافَ فيه بين الناس - وقد ثبت في الصِّحاح وغيرها - وكان بناؤه بها في السنةِ الثانية من الهجرة إلى المدينة. وأما كون تزويجها كان بعد موت خديجة بنحوٍ من ثلاث سنين ففيه نظر. فإنَّ يعقوب بن سفيان الحافظ قال (٣): حدَّثنا الحجّاج، حدَّثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: تزوَّجني رسولُ الله متوفَّى خديجة قبل مخرجِه من مكة وأنا ابنة سبع - أو ست - سنين، فلما قدمنا المدينة جاءني نسوة وأنا ألعبُ في أرجوحة وأنا مُجَمَّمَة، فهيَّأنني وصنَّعْنَني، ثمَّ أتَيْنَ بي إلى رسولِ الله وأنا ابنة تسع سنين.

فقوله في هذا الحديث: متوفَّى خديجة يقتضي أنه على أثر ذلك قريبًا، اللهمَّ إلا أن يكون قد سقط من النسخة بعد متوفَّى خديجة، فلا ينفي ما ذكره يونسُ بن بكير وأبو أسامةَ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، والله أعلم.

وقال البخاري (٤): حدَّثنا فروة بنُ أبي المَغْرَاء، حدَّثنا عليُّ بن مُسْهِر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قالت: تزوَّجني النبيُّ وأنا بنتُ ستِّ سنين، فقدِمنا المدينة، فنزَلْنا في بني الحارث بن الخزرج، فَوُعِكْتُ فتمزَّق شعري (٥)، وقد وفَتْ لي جُمَيْمَة (٦)، فأتتني أمي أمُّ رُومان - وإنِّي


(١) السير والمغازي (ص ٢٥٥).
(٢) فتح الباري (٣٨٩٦) مناقب الأنصار باب تزويج النبي عائشة، وما سيأتي بين معقوفين منه.
(٣) المعرفة والتاريخ (٣/ ٢٦٨) وهو من الجزء المفقود نقله المحقق من هنا.
(٤) فتح الباري (٣٨٩٤) مناقب الأنصار باب تزويج النبي عائشة.
(٥) "فتمزق": أي تقطَّع، ورواية الكشميهني: فتمرق. بالراء المهملة، أي انتتف. فتح الباري (٧/ ٢٢٤).
(٦) كذا في ط والنهاية لابن الأثير (جمم)، وفي ح: ولي جُميمة، وفي صحيح البخاري: فوفى جُميمة. قال ابن=