للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساعدة، فقالوا: يا رسول اللَّه، هلَّم إلينا في العدد والعُدَّة والمنعة. قال: "خلُّوا سبيلها فإنها مأمورة" فخلَّوا سبيلها، فانطلقت، حتى إذا وازت (١) دار بني الحارث بن الخزرج اعترضه سعدُ بن الرَّبيع وخارجةُ بن زيد وعبد اللَّه بن رَوَاحة، في رجالٍ من بني الحارث (٢) بن الخزرج فقالوا: يا رسول اللَّه هلمَّ إلينا إلى العدد والعُدَّة والمَنَعة. قال: "خلُّوا سبيلَها فإنها مأمورة" فخلَّوا سبيلَها، فانطلقت حتى إذا مرَّت بدار عديِّ بن النجَّار -وهم أخواله دِنْيًا- أم عبد المطلب، سلمى بنت عمرو إحدى نسائهم، اعترضه سَليط بن قيس وأبو سَليط أُسَيْرَة بن خارجة (٣) في رجالي من بني عديِّ بن النجَّار، فقالوا: يا رسول اللَّه! هلمَّ إلى أخوالك إلى العدد والعُدَّة والمنعة؟ قال: "خلُّوا سبيلها فإنَّها مأمورة" فخلوا سبيلها، فانطلقت، حتى إذا أتتْ دارَ بني مالك بن النجَّار بركَتْ على باب مسجده اليوم، وكان يومئذٍ مِرْبدًا لغلامَيْن يتيمَيْن من بني مالك بن النجار، وهما سَهْل وسُهيل ابنا عمرو، وكانا في حَجْر معاذ بن عَفْرَاء.

قلت: وقد تقدَّم في روايةِ البخاري (٤) من طريق الزُّهري عن عروة أنهما كانا في حَجْر أسعد بن زرارة، واللَّه أعلم.

وذكر موسى بن عقبة (٥) أنَّ رسولَ اللَّه مرَّ في طريقه بعبد اللَّه بن أُبيِّ بن سلُول وهو في بيت. فوقف رسولُ اللَّه ينتظر أن يدعوَهُ إلى المنزل-وهو يومئذٍ سيد الخزرج في أنفسهم- فقال عبد اللَّه انظر الذين دعَوْك فانزلْ عليهم. فذكر ذلك رسولُ اللَّه لنفر من الأنصار، فقال سعد بن عبادة يعتذر عنه: لقد مَنَّ اللَّه علينا بك يا رسول اللَّه! وإنا نريد أن نعقِدَ على رأسه التاج ونملِّكه علينا.

قال موسى بن عقبة (٦): وكانتِ الأنصار قد اجتمعوا قبل أن يركبَ رسولُ اللَّه من بني عمرو بن عوف فمشَوْا حولَ ناقته لا يزال أحدُهم ينازعُ صاحبه زمام الناقة شُحًّا على كرامة رسولِ اللَّه وتعظيمًا له، وكلما مرَّ بدارٍ من دور الأنصار دعَوْهُ إلى المنزل فيقول : "دعوها فإنها مأمورة، فإنما أنزلُ حيث أنزلني اللَّه" فلما انتهتْ به إلى دار أبي أيوب بَرَكتْ به على الباب، فنزل، فدخل بيت أبي أيوب حتى ابتنى مسجده ومساكنه.


(١) في ح: وارت، وفي سيرة ابن هشام: وازنت. والمثبت من ط.
(٢) في ح: من بلحارث.
(٣) كذا في (ح، ط) وفي سيرة ابن هشام: أسيرة بن أبي خارجة، وفي الإكمال (١/ ٧٨): أُسيرة بن عمرو من بني عدي بن النجار.
(٤) تقدم في أول الصفحة (٤٥٢).
(٥) في الحديث الذي رواه عنه البيهقي بسنده في دلائل النبوة (٢/ ٤٩٩).
(٦) في الحديث الذي رواه عنه البيهقي بسنده في دلائل النبوة (٢/ ٥٠١).