للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرزاق (١): أخبرنا معمر عن (٢) الحسن يحدِّث عن أمه، عن أمِّ سلمة قالت: لما كان رسولُ اللَّه وأصحابُه يبنون المسجد، جعل أصحابُ النبيِّ يحمل كلُّ واحدٍ لَبِنةً لَبِنة، وعمار يحمل لَبِنتَيْن، لبنةً عَنه ولبنةً عن النبيِّ فمسح ظهره (٣). وقال "ابنَ سُميَّة، للناسِ أجْر، ولك أجْرَان، وآخر زادِكَ شربةً من لبن، وتقتُلك الفئةُ الباغية".

وهذا إسنادٌ على شرط الصحيحَيْن (٤).

وقد أورد البيهقي (٥) وغيرُه من طريق جماعةٍ عن خالد الحذَّاء، عن عكرمة، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال: كنا نحملُ في بناءَ المسجد لبنةً لبنة، وعمار يحمل لبنتَيْن لبنتَيْن، فرآه النبيُّ ، فجعل ينفُض الترابَ عنه ويقول: "وَيْحَ عمار تقتلُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنَّة ويدعونه إلى النار" قال: يقول عمار: أعوذُ باللَّه من الفِتَن.

لكن روى هذا الحديث الإمامُ البخاري (٦) عن مُسَدَّد، عن عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذَّاء؛ وعن إبراهيم بن موسى، عن عبد الوهَّاب الثقفي، عن خالد الحذَّاء به؛ إلا أنه لم يذكر قوله "تقتلك الفئة الباغية" (٧).


(١) في المصنف (٢٠٤٢٦) باب أصحاب النبي .
(٢) في المصنف: معمر عمن سمع الحسن يحدث، قال بشار: الصحيح، فإن معمرًا لم يحدث عن الحسن.
(٣) في المصنف: فقام النبي فمسح ظهره.
(٤) كيف يكون على شرط الشيخين؟ فإن كان ما أورده المصنف صحيحًا، فإن معمرًا لم يحدث عن الحسن، بل رأى جنازته وهو صغير، وذكر أنه طلب العلم سنة مات الحسن، كما رواه عبد الرزاق عنه (تاريخ البخاري الصغير ٢/ ١١٥، والجرح والتعديل ٨/ الترجمة ١١٦٥)، ولم تذكر كتب العلم رواية له عن الحسن، ولا ذكر ذلك المزي في التهذيب. وإن كان ما جاء في مصنف عبد الرزاق هو الصواب، أعني بينهما رجل مجهول -وهو الأرجح- فلا يصح هذا الإسناد لجهالة من روى عنه معمر. (بشار).
(٥) في دلائل النبوة (٢/ ٥٤٦).
(٦) فتح الباري (٤٤٧) الصلاة باب التعاون في بناء المسجد، و (٢٨١٢) الجهاد باب مسح الغار عن الرأس في سبيل اللَّه.
(٧) هذا هو الصواب، وكذلك ذكر المزي هذا الحديث ولم يذكر فيه عبارة "تقتله الفئة الباغية" (تحفة الأشراف ٣/ ٤١٥ حديث ٤٢٤٨ بتحقيقي) وكذا ذكر البيهقي في الدلائل أن البخاري تركها. أما وجود العبارة في المطبوع من الفتح في الموضعين (٤٤٧) و (٢٨١٢) فهو من تصرف الناشرين، ولم يحسنوا صنعًا. ويلاحظ أن إشارة قد وضعت في النسخة اليونينية من صحيح البخاري على هذه العبارة فكتب في أولها "لا" وفي آخرها "إلى" أي: احذف هذه العبارة، فالأصح أن هذه العبارة مقحمة من بعض الروايات، وأن الروايات المتقنة الأصيلة قد خلت منها، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٥٤٢) "واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال: إن البخاري لم يذكرها أصلًا، وكذا قال أبو مسعود (الدمشقي). قال الحميدي: ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدًا، قال: وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث. قلت (ابن حجر): ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدًا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي فدل على أنها في هذه =