للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق (١): فلمّا تجلّى عن عبد اللَّه بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن، طمعوا في الأجر، فقالوا: يا رسول اللَّه، أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ فأنزل اللَّه فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ٢١٨] فوضعهم اللَّه من ذلك على أعظم الرجاء.

قال ابن إسحاق (٢): والحديث في ذلك عن الزّهريّ ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزّبير. وهكذا ذكر موسى بن عقبة في "مغازيه"، عن الزّهريّ (٣)، وكذا روى شعيب (٤)، عن الزّهريّ، عن عروة نحوًا من هذا، وفيه: وكان ابن الحضرميّ أوّل قتيل بين المسلمين والمشركين.

وقال عبد الملك بن هشام (٥): هو أوّل قتيل قتله المسلمون، وهذه أوّل غنيمة غنمها المسلمون، وعثمان والحكم بن كيسان أوّل من أسره المسلمون.

قلت: وقد تقدّم فيما رواه الإمام أحمد (٦)، عن سعد بن أبي وقاص أنّه قال: فكان عبد اللَّه بن جحش أول أمير في الإسلام.

وقد ذكرنا في "التفسير" (٧) لما أورده ابن إسحاق شواهد [مسندة].

فمن ذلك ما رواه الحافظ أبو محمد بن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدّميّ حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه حدّثني الحضرميّ، عن أبي السّوّار، عن جندب بن عبد اللَّه أن رسول اللَّه بعث رهطًا، وبعث عليهم أبا عبيدة بن الجرّاح -أو عبيدة بن الحارث- فلمّا ذهب ينطلق بكى صبابة (٨) إلى رسول اللَّه ، فجلس، فبعث عليهم مكانه عبد اللَّه بن جحشٍ، وكتب له كتابًا وأمره أن لا يقرأه حتى يبلغ مكان كذا وكذا، وقال: "لا تكرهنّ أحدًا على السّير معك من أصحابك". فلمّا قرأ الكتاب استرجع، وقال: سمعًا وطاعة للَّه ولرسوله. فخبّرهم الخبر، وقرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان ولقي بقيّتهم، فلقوا ابن الحضرميّ، فقتلوه، ولم يدروا أنّ ذلك اليوم من رجب أو من جمادى، فقال


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٠٥).
(٢) انظر "سيرة ابن هشام" (١/ ٦٠٥).
(٣) ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٢٠ - ٢١).
(٤) ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ١٧).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٠٥).
(٦) تقدم في ص ٢٤.
(٧) ذكره المؤلف في "تفسيره" (١/ ٣٦٨) بسند ابن أبي حاتم، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٢٥٠) إلى ابن أبي حاتم وغيره.
(٨) أي: شوقًا.