للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكره الأمويّ في "مغازيه" (١)، وزاد بعد قوله: وخذ من أموالنا ما شئت: وأعطنا ما شئت، وما أخذت منّا كان أحبّ إلينا ممّا تركت، وما أمرت به من أمرٍ، فأمرنا تبعٌ لأمرك، فواللَّه لئن سرت حتى تبلغ البرك من غُمدان (٢)، لنسيرنّ معك.

قال ابن إسحاق (٣): ثم ارتحل رسول اللَّه من ذَفران، فسلك على ثنايا يقال لها: الأصافرُ، ثم انحطّ منها إلى بلدٍ يقال له: الدّبة (٤). وترك الحنّان بيمينٍ، وهو كثيبٌ عظيمٌ كالجبل العظيم، ثم نزل قريبًا من بدرٍ، فركب هو ورجلٌ من أصحابه.

قال ابنُ هشامٍ: هو أبو بكرٍ.

قال ابن إسحاق (٥): -كما حدّثني محمد بن يحيى بن حَبّان-: حتى وقف على شيخٍ من العرب، فسأله عن قريشٍ وعن محمدٍ وأصحابه، وما بلغه عنهم، فقال الشيخ: لا أخبركما حتى تخبراني ممّن أنتما؟ فقال له رسول اللَّه : "إذا أخبرتنا أخبرناك". فقال: أو ذاك بذاك؟ قال: "نعم". قال الشيخ: فإنّه بلغني أنّ محمدًا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني، فهم اليوم بمكان كذا وكذا -للمكان الذي به رسول اللَّه وبلغني أن قريشًا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني، فهم اليوم بمكان كذا وكذا -للمكان الذي به قريشٌ- فلمّا فرغ من خبره قال: ممّن أنتما؟ فقال له رسول اللَّه : "نحن من ماءٍ". ثم انصرف عنه. قال: يقول الشيخ: ما من ماءٍ؟ أمن ماء العراق؟ قال ابن هشامٍ: يقال لهذا الشيخ: سفيان الضّمريّ.

قال ابن إسحاق (٦): ثم رجع رسول اللَّه إلى أصحابه، فلمّا أمسى بعث عليّ بن أبي طالبٍ، والزّبير بن العوّام، وسعد بن أبي وقّاصٍ، في نفرٍ من أصحابه إلى ماء بدرٍ، يلتمسون الخبر له، كما حدّثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزّبير (٧)، فأصابوا راويةً لقريشٍ، فيها أسلم غلام بني الحجّاج، وعريضٌ أبو يسارٍ غلام بني العاص بن سعيدٍ، فأتوا بهما، فسألوهما، ورسول اللَّه قائمٌ يصلي، فقالوا: نحن سقاة قريشٍ، بعثونا نسقيهم من الماء. فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان،


(١) انظر "سبل الهدى والرشاد" (٤/ ٤٢، ٤٣).
(٢) غمدان: قصبة صنعاء باليمن، كان الضحاك بناه على اسم الزهرة، وخرَّبه عثمان بن عفَّان ، فصار تلًا عظيمًا. انظر "الروض المعطار" ص (٤٢٩).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦١٥ - ٦١٦)، و"تاريخ الطبري" (٢/ ٤٣٥).
(٤) في (أ) و (ط): "الدية"، والتصحيح من هامش (ط) و"السيرة النبوية" و"تاريخ الطبري". والدبة: بلد بين الأصافر وبدر. انظر "معجم البلدان" (٢/ ٥٤٧).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦١٦) و"تاريخ الطبري" (٢/ ٤٣٥ - ٤٣٦) وهو مرسل.
(٦) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦١٦ - ٦١٧).
(٧) انظر "تاريخ الطبري" (٢/ ٤٣٦)، و"دلائل البيهقي" (٣/ ٤٢ - ٤٣).