للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلينا من بني عمّنا. ونادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا. فقال النبيّ : "قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا عليّ" (١).

وعند الأمويّ، أن النّفر من الأنصار لمّا خرجوا، كره ذلك رسول اللَّه ؛ لأنّه أول موقفٍ واجه فيه رسول اللَّه أعداءه، فأحبّ أن يكون أولئك من عشيرته، فأمرهم بالرّجوع، وأمر أولئك الثلاثة بالخروج.

قال ابن إسحاق (٢): فلمَّا دنوا منهم قالوا: من أنتم؟ وفي هذا دليلٌ أنّهم كانوا ملبّسين، لا يُعرفون من السلاح، فقال عبيدة: عبيدة. وقال حمزة: حمزة. وقال عليٌّ: عليٌّ. قالوا: نعم، أكفاءٌ كرامٌ. فبارز عبيدة، وكان أسنّ القوم، عتبة، وبارز حمزة شيبة، وبارز عليٌّ الوليد بن عتبة، فأمّا حمزة، فلم يمهل شيبة أن قتله، وأمّا عليٌّ، فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكرّ حمزة وعليٌّ بأسيافهما على عتبة، فذفّفا عليه، واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه، .

وقد ثبت في الصحيحين (٣)، من حديث أبي مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، عن أبي ذرٍّ أنّه كان يقسم قسمًا أنّ هذه الآية: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوْا فِى رَبِّهِمْ﴾ [الحج: ١٩] نزلت في حمزة وصاحبيه، وعتبة وصاحبيه، يوم برزوا في بدرٍ. هذا لفظ البخاريّ في تفسيرها.

وقال البخارى (٤): حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدَّثنا المعتمر بن سليمان، سمعت أبي، ثنا أبو مجلزٍ، عن قيس بن عبادٍ، عن عليٍّ بن أبي طالبٍ، أنّه قال: أنا أوّل من يجثو بين يدي الرحمن، ﷿، في الخصومة يوم القيامة.

قال قيسٌ: وفيهم نزلت: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوْا فِى رَبِّهِمْ﴾ قال: هم الذين بارزوا يوم بدرٍ؛ عليٌّ وحمزة وعبيدة، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة. تفرّد به البخاريّ.

وقد أوسعنا الكلام عليها في "التفسير" (٥) بما فيه كفايةٌ، وللَّه الحمد والمنة.

وقال الأمويّ: حدَّثنا معاوية بن عمروٍ، عن أبي إسحاق، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن عبد اللَّه البهيّ قال: برز عتبة وشيبة والوليد، وبرز إليهم حمزة وعبيدة وعليٌّ، فقالوا: تكلّموا نعرفكم. فقال حمزة، أنا أسد اللَّه، وأسد رسول اللَّه ، أنا حمزة بن عبد المطّلب. فقال: كفءٌ كريمٌ.


(١) رواه أبو داود مختصرًا رقم (٢٦٦٥) وهو حديث صحيح.
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٢٥).
(٣) رواه البخاري (٤٧٤٣) ومسلم (٣٠٣٣).
(٤) رواه البخاري (٤٧٤٤).
(٥) انظر "تفسير ابن كثير" (٥/ ٤٠١).