للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكنت أرجو أن يهديَه ذلك للإسلام، فلمّا رأيتُ ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك. فدعا له رسول اللَّه بخيرٍ، وقال له خيرًا.

وقال البخاريّ (١): حدّثنا الحميديّ، حدثنا سفيان، ثنا عمروٌ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ: ﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ قال: هم واللَّه كُفَّار قريشٍ. قال عمرو: هم قريشٌ، ومحمدٌ نعمة اللَّه، ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ [إبراهيم: ٢٨]. قال: النار يوم بدرٍ.

قال ابن إسحاق (٢): وقال حسّان بن ثابتٍ (٣): [من البسيط]

قومي الذين همُ آووا نبيّهم … وصدّقوه وأهل الأرض كفّار

إلّا خصائص أقوامٍ همُ سلفٌ … للصالحين من الأنصار أنصارُ

مستبشرين بقسم اللَّه قولهمُ … لمّا أتاهم كريم الأصل مختار

أهلًا وسهلًا ففي أمنٍ وفي سعةٍ … نعم النبيّ ونعم القَسم والجار

[فأنزلوه بدارٍ لا يخاف بها … من كان جارهم دارًا هي الدار] (٤)

وقاسموه بها الأموال إذ قدموا … مهاجرين وقسم الجاحد النار

سرنا وساروا إلى بدرٍ لحينهمُ … لو يعلمون يقين العلم ما ساروا

دلّاهمُ بغرورٍ ثم أسلمهمْ … إنّ الخبيث لمن والاه غرّار

وقال إنّي لكم جارٌ فأوردهم … شرّ الموارد فيه الخزي والعار

ثم التقينا فولّوا عن سَراتهمُ … من منجدين ومنهم فرقةٌ غاروا

وقال الإمام أحمد (٥): حدثنا يحيى بن أبي بكيرٍ (٦) وعبد الرزاق قالا: حدثنا إسرائيل، [عن سماك بن حربٍ] (٧)، عن عِكْرِمَة (٨)، عن ابن عباسٍ قال: لمّا فرغ رسول اللَّه من القتلى، قيل له: عليك العِير، ليس دونها شيءٌ. فناداه العباس وهو في الوثاق: إنّه لا يصلح لك. قال: "لم؟ " قال: لأنّ اللَّه وعدك إحدى الطائفتين، وقد أنجز لك ما وعدك.


(١) رواه البخاري (٣٩٧٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦٤).
(٣) انظر "ديوان حسَّان بن ثابت" (١/ ٤٧٥ - ٤٧٦).
(٤) هذا البيت سقط من (أ) واستدرك من (ط) و"السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦٤).
(٥) رواية يحيى في "المسند" (١/ ٢٢٨ - ٢٢٩)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٣١٤) وروايته سماك عن عكرمة فيها اضطراب.
(٦) في (أ) و (ط): "يحيى بن أبي بكر" وهو خطأ من النسَّاخ، والتصحيح من "مسند الإمام أحمد".
(٧) سقط من النسخ، والمثبت من "المسند".
(٨) هو عكرمة البَرْبَريّ، أبو عبد اللَّه، مولى ابن عباس وراويته. مات سنة (١٠٥) هـ. انظر "تحرير تقريب التهذيب" (٣/ ٣٢) و"شذرات الذهب" (٢/ ٣٢) بتحقيقي.