للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: واستشار رسول اللَّه أبا بكرٍ، فقال أبو بكرٍ: عشيرتك؛ فأرسلهم، واستشار عمر، فقال: اقتلهم. ففادَاهم رسول اللَّه فأنزل اللَّه: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تكون (١) لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ الآية. ثم قال الحاكم (٢): هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وروى الترمذيّ، والنّسائيّ، وابن حبان (٣) في "صحيحه" (٤) من حديث سفيان الثوري، عن هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ قال: جاء جبريل إلى النبيّ ، فقال: خيّر أصحابك في الأسارى، إن شاؤوا الفِدَاء وإن شاؤوا القتل، على أن يقتل عامًا قابلًا منهم مثلهم. قالوا: الفداء ويقتل منا، وهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، ومنهم من رواه مرسلًا، عن عبيدة، واللَّه أعلم.

وقد قال ابن إسحاق (٥)، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ يقول: لولا أنّي لا أعذّب من عصاني، حتى أتقدّم إليه، لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ.

وهكذا روي عن ابن أبي نجيحِ، عن مجاهدٍ أيضًا (٦)، واختاره ابن إسحاق (٧) وغيره.

وقال الأعمش (٨): سبق منه أن لا يعذّب أحدًا شهد بدرًا، وهكذا روي عن سعد بن أبي وقّاصٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعطاء بن أبي رباحٍ (٩).

وقال مجاهدٌ والثّوريّ (١٠): ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ أي: لهم بالمغفرة.

وقال الوالبي (١١)، عن ابن عباسٍ: سبق في أمّ الكتاب الأول، أنّ المغانم وفداء الأسارى حلالٌ لكم، ولهذا قال بعده: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [الأنفال: ٦٩].


(١) انظر التعليق على ص (٩٥).
(٢) بعده في (ط): "في صحيحه".
(٣) في (أ) و (ط): "ابن ماجه" وهو سبق قلم من النسَّاخ والصواب ما أثبته، وعبارة في "صحيحه" انفردت بها (أ).
(٤) رواه الترمذي (١٥٦٧) والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٦٦٢) وابن حبان في "الإحسان" رقم (٤٧٩٥).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٧٥ - ٦٧٦).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٤٧).
(٧) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٧٦).
(٨) وقد ذكره المصنف في "التفسير" (٤/ ٣٤).
(٩) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٠/ ٣٥٧ - ٣٥٨) عن سعد، وعن سعيد بن جبير، الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٤٦)، وذكره عن عطاء بن أبي رباح المؤلف في "تفسيره" (٤/ ٣٤).
(١٠) ذكره عن مجاهد، السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٢٠٣)، وعزاه لابن أبي حاتم، وعن الثوري، المؤلف في "تفسيره" (٤/ ٣٤).
(١١) ذكره المؤلف في "التفسير" (٤/ ٣٤).