للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقداد بن الأسود، واسمها بعزجة -ويقال: سبحة- وعلى الأخرى الزّبير بن العوّام، واسمها اليعسوب. وكان معهم لواءٌ يحمله مصعب بن عميرٍ، ورايتان؛ يحمل إحداهما للمهاجرين عليّ بن أبي طالبٍ، والتي للأنصار يحملها سعد بن عبادة، وكان رأس مشورة المهاجرين أبو بكر الصديق، ورأس مشورة الأنصار سعد بن معاذٍ.

وأمّا جمع المشركين فأحسن ما يقال فيهم: إنّهم كانوا ما بين التّسعمئة إلى الألف؛ وقد نصّ عروة وقتادة أنّهم كانوا تسعمئةٍ وخمسين رجلًا. وقال الواقديّ (١): كانوا تسعمئةٍ وثلاثين رجلًا. وهذا التحديد يحتاج إلى دليلٍ، وقد تقدّم في بعض الأحاديث أنّهم كانوا أزيد من ألفٍ، فلعلّه عدد أتباعهم معهم. واللَّه أعلم.

وقد تقدّم في الحديث الصحيح عند البخاريّ (٢)، عن البراء أنّه قتل منهم سبعون، وأسر سبعون. وهذا قول الجمهور، ولهذا قال كعب بن مالكٍ في قصيدةٍ له: [من الكامل]

فأقام بالعَطَن المعطّن منهمُ … سبعون عتبةُ منهمُ والأسود

وقد حكى الواقديّ (٣) الإجماع على ذلك، وفيما قاله نظرٌ؛ فإنّ موسى بن عقبة وعروة بن الزّبير قالا خلاف ذلك، وهما من أئمة هذا الشأن، فلا يمكن حكاية الاتفاق بدون قولهما، وإن كان قولهما مرجوحًا بالنسبة إلى الحديث الصحيح، واللَّه أعلم.

وقد سرد أسماء القتلى والأسارى ابن إسحاق وغيره (٤)، وحرّر ذلك الحافظ الضّياء في "أحكامه" جيّدًا، وقد تقدّم في غضون سياقات القصة ذكر أوّل من قتل منهم، وهو الأسود بن عبد الأسد المخزوميّ، وأول من فرّ وهو خالد بن الأعلَم الخزاعيّ -أو العقيليّ- حليف بني مخزومٍ، وما أفاده ذلك؛ فإنه أسر، وهو القائل في شعره: [من الطويل]

ولسنا على الأعقاب تدمى كُلُومُنَا … ولكن على أقدامنا يقطر الدَّم

فما صدق في ذلك، وأول من أسروا عقبة بن أبي معيطٍ، والنّضر بن الحارث، قتلا صبرًا بين يدي رسول اللَّه من بين الأسارى، وقد اختلف في أيّهما قتل أولًا على قولين، وأنّه، ، أطلق جماعةً من الأسارى مجّانًا بلا فداءٍ، منهم؛ أبو العاص بن الربيع الأمويّ، والمطّلب بن حنطب بن الحارث المخزوميّ، وصيفيّ بن أبي رفاعة كما تقدّم، وأبو عزّة الشاعر، ووهب بن عميرٍ بن


(١) الذي في "المغازي" (١/ ٣٩): "خرجوا بتسعمئة وخمسين".
(٢) رواه البخاري (٣٩٨٦).
(٣) ذكر الواقدي في "المغازي" الذي بين أيدينا (١/ ١٤٣ - ١٤٤) أقوالًا مختلفة في عدد قتلى وأسرى المشركين، ولم يذكر فيها إجماعًا ولا اتفاقًا.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٧٠٨ - ٧١٥) و (٢/ ٣ - ٨).