للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عجبت لأمر اللَّه واللَّه قادرُ … على ما أراد ليس للَّه قاهرُ

قضى يوم بدرٍ أن نلاقيَ معشرًا … بغوا وسبيل البغي بالناس جائرُ

وقد حشدوا واستنفروا من يليهمُ … من الناس حتى جمعهم متكاثر

وسارت إلينا لا تحاول غيرنا … بأجمعها كعبٌ جميعًا وعامرُ

وفينا رسول اللَّه والأوس حوله … له معقلٌ منهم عزيزٌ وناصرُ

وجمع بني النجّار تحت لوائه … يمشّون في الماذيِّ والنّقع ثائرُ

فلمّا لقيناهم وكلٌّ مجاهد … لأصحابه مستبسل النّفس صابرُ

شهدنا بأنّ اللَّه لا ربّ غيره … وأنّ رسول اللَّه بالحقّ ظاهرُ

وقد عرّيت بيضٌ خفافٌ كأنها … مقابيس يزهيها لعينيك شاهرُ

بهنّ أبدنا جمعهم فتبدّدوا … وكان يلاقي الحَين من هو فاجرُ

فكبّ أبو جهلٍ صريعًا لوجهه … وعتبة قد غادرنَه وهو عاثرُ

وشيبة والتّيميّ غادرن في الوغى … وما منهم إلّا بذي العرش كافرُ

فأمسوا وَقود النار في مستقرّها … وكلّ كفورٍ في جهنم صائرُ

تلظّى عليهم وهي قد شبّ حميها … بزبر الحديد والحجارة ساجرُ

وكان رسول اللَّه قد قال أقبلوا … فولَّوا وقالوا إنّما أنت ساحرُ

لأمرٍ أراد اللَّه أن يَهلكوا به … وليس لأمرٍ حمّه اللَّه زاجرُ

وقال كعبٌ (١) في يومٍ بدرٍ: [من الطويل]

ألا هل أتى غسّانَ في نأي دارها … وأخبرُ شيءٍ بالأمور عليمها

بأن قد رمتنا عن قسيّ عداوة … معدٌّ معًا جهّالها وحليمها

لأنّا عبدنا اللَّه لم نرج غيره … رجاء الجنان إذ أتانا زعيمها

نبيٌّ له في قومه إرث عزّةٍ … وأعراق صدقٍ هذّبتها أرومها

فساروا وسرنا فالتقينا كأنّنا … أسود بقاءٍ لا يرجّى كليمها

ضربناهمُ حتى هوى في مكرّنا … لمنخر سوءٍ من لؤيٍّ عظيمها

فولّوا ودسناهم ببيضٍ صوارمٍ … سواءٌ علينا حلفها وصميمها

وقال كعبٌ (٢) أيضًا: [من الوافر]

لعمر أبيكما يا بْنَي لؤيٍّ … على زهوٍ لديكم وانتخاءِ


(١) الأبيات في "ديوانه" ص (٢٠٨).
(٢) الأبيات في "ديوانه" ص (١٤٥).