للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطّتِ السَّماءُ وحُقَّ لها أن تَئِطَّ ما فيها موضعُ أربع أصابعَ إلا عليه مَلَكٌ ساجدٌ، لو علمتُم ما أعلمُ لضحكتُم قليلًا ولَبَكيْتُم كثيرًا، ولما تلذَّذْتُم بالنساء على الفُرُشات، ولخرجتم إلى الصُّعُدات تجأرونَ إلى اللَّه ﷿" (١). فقال أبو ذر: واللَّهِ لوددتُ أني شجرةٌ تُعْضدُ (٢).

ورواه الترمذي وابنُ ماجهَ من حديث إسرائيل، فقال الترمذي: حسن غريب ويُروى عن أبي ذر موقوفًا (٢).

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدَّثنا حُسين بن عرفةَ المصري، حدَّثنا عُروةُ بن مروان العِرْقي، حدَّثنا عبيد اللَّه بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه : "ما في السماواتِ السبع موضعُ قَدَمٍ ولا شِبْرٍ ولا كفٍّ إلا وفيه مَلَكٌ قائم، أو مَلكٌ ساجدٌ (٣)، أو ملَكٌ راكعٌ، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعًا: ما عبدناك حقَّ عبادتِكَ إلا أنّا لا نُشرِكُ (٤) بكَ شيئًا" (٥).

فدلَّ هذان الحديثان على أنَّه ما من موضع في السماواتِ السبع إلا وهو مشغول بالملائكة، وهم في صنوف العبادات، منهم من هو قائم أبدًا، ومنهم من هو راكعٌ أبدًا، ومنهم من هو ساجدٌ أبدًا، ومنهم من هو في صنوفٍ أُخر. اللَّهُ أعلمُ بها. وهم دائبونَ في عبادتهم وتسبيحِهم وأذكارِهم وأعمالِهم التي أمرَهم اللَّه بها، وهم منازلُ عندَ ربِّهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٤ - ١٦٦]. وقال : "ألا تصُفُّونَ كما تصفُّ الملائكةُ عندَ ربّهم". قالوا: وكيفَ يصفُّون [عند ربِّهم] (٦) قال: "يُكمِّلونَ الصفوفَ الأُوَل، ويتراصُّون في الصف" (٧). وقال: "فُضِّلنا على الناس بثلاث. جُعِلتْ لنا الأرضُ مَسْجدًا، وتُرْبَتُها لنا طَهورًا، وجُعلتْ صفوفُنا كصفوفِ المَلائكة" (٨).


(١) رواه أحمد في المسند (٥/ ١٧٣) والترمذي في الجامع (٢٣١٢) في الزهد، وابن ماجه في سننه (٤١٩٠) وهو حديث حسن، دون قوله: واللَّه لوددت أني شجرة تعضد، فهي مدرجة من قول أبي ذر في الزهد، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٥٢) والحاكم في المستدرك (٤/ ٥٤٤) وصححه، ووافقه الذهبي.
وتجأرون: ترفعون أصواتكم بالدعاء. تُعضد: تُقطع.
(٢) هذه الجملة مدرجة من كلام أبي ذر.
(٣) في المعجم الكبير (٢/ ١٨٤): أو ملكٌ راكعٌ، أو مَلكٌ ساجدٌ.
(٤) في المعجم الكبير: إلا أنَّا لم نُشرك.
(٥) أخرجه الطبراني في الكبير (٢/ ١٨٤) وذكره الهيثمي في المجمع (١/ ٥٢) وقال: فيه عروة بن مروان. قال الدارقطني: كان أميا وليس بالقوي في الحديث. ميزان الاعتدال (٣/ ٦٤).
(٦) ما بين حاصرتين سقط من أ.
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه (٤٣٠) في الصلاة، وأبو داود في سننه (٦٦١) في الصلاة، والنسائي في سننه (٢/ ٩٢) في الإمامة.
(٨) أخرجه مسلم في صحيحه (٥٢٢) (٤) في المساجد، عن حذيفة .