للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك يأتونَ يومَ القيامةِ بين يدي الربِّ صفوفًا كما قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢] ويقفونَ صفوفًا بين يديْ ربِّهم ﷿ يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ: ٣٨]. والمرادُ بالروح هاهنا: بنو آدم، قاله ابن عباس والحسنُ وقتادة (١). وقيل: ضربٌ من الملائكة يُشبهون بني آدم في الشكل، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش. وقيل: جبريل، قاله الشعبيُّ، وسعيد بن جُبَيْر، والضحَّاك. وقيل: مَلَكٌ يُقال له: الروح، بِقَدْرِ جميع المخلوقات. قال عليُّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ﴾ [النبأ: ٣٨] قال: هو مَلكٌ من أعظم الملائكة خَلْقًا (٢).

وقال ابنُ جرير (٣): حدَّثني محمد بن خلف العسقلاني، حدَّثنا روَّاد بن الجرَّاح، عن أبي حمزةَ، عن الشعبيِّ، عن علقمةَ، عن ابن مسعود، قال: الرُّوح في السماء الرابعة، هو أعظم من السماواتِ ومن الجبالِ، ومن الملائكةِ، يُسبِّح كلَّ يومٍ اثنيْ عشرَ ألف تسبيحةٍ، يخلقُ اللَّه من كُلِّ تسبيحةٍ مَلَكًا من الملائكة، يجيءُ يومَ القيامة صفًّا وحدَه. وهذا غريب جدًا.

وقال الطبراني (٤): حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه بن عرس المصريّ، حدَّثنا وَهْبُ اللَّه بن رزق أبو هُبيرة، حدَّثنا بِشْرُ بن بكْر، حدَّثنا الأوزاعيُّ، حدَّثني عطاء، عن عبد اللَّه بن عباس، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه يقول: "إنَّ للَّه مَلكًا لو قيلَ له التقمِ السماواتِ والأرضينَ بلقمةٍ واحدةٍ لفَعلَ، تسبيحُه: سبحانَكَ حيثُ كنتَ" وهذا أيضًا حديث غريب جدًا، وقد يكون موقوفًا.

وذكرنا في صفةِ حمَلَة العرش: عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسولُ اللَّه : "أُذِنَ لي أنْ أُحدِّثَ عن مَلَكِ من ملائكةِ اللَّه من حملةِ العَرْش، إنَّ ما بينَ شحمة أذنهِ إلى عاتقهِ مسيرةُ سبعمئة عام". رواه أبو داود (٥)، وابن أبي حاتم، ولفظه: "مَخْفقُ الطَّيْرِ سبعمئة عام" (٦).

وقد وردَ في صفة جبريلَ أمرٌ عظيمٌ، قال اللَّه تعالى: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ [النجم: ٥]. قالوا: كان من شدة قوَّتهِ أنه رفعَ مدائنَ قوم لوط، وكُنَّ سبعًا، بمن فيها من الأمم، وكانوا قريبًا من


(١) تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير (٤/ ٥٤٩).
(٢) المصدر السابق (٤/ ٥٤٩).
(٣) في تفسيره (١٢/ ٤١٥).
(٤) في المعجم الكبير (١١/ ١٩٥) وذكره الهيثمي في المجمع (١/ ٨٠) وقال: تفرَّد به وَهْبُ اللَّه بن رزق، وهو مجهول.
(٥) في سننه (٤٧٢٧) في السنة، وأخرجه أبو يعلى في المسند (٦٦١٩) وذكره الهيثمي في المجمع (٨/ ١٣٥) وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
(٦) تفسير ابن كثير (٤/ ٤٨٩) وقال: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات.