للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق (١): فلمّا قُتل فصعب بن عميرٍ، أعطى رسول اللَّه اللّواء عليَّ بن أبي طالبٍ.

وقال يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق: كان اللواء أولًا مع عليّ بن أبي طالبٍ، فلمّا رأى رسول اللَّه لواء المشركين مع بني عبد الدار قال: "نحن أحقّ بالوفاء منهم" أخذ اللواء من عليٍّ فدفعه إلى مصعب بن عميرٍ، فلما قُتل مصعبٌ أعطى اللواء عليَّ بن أبي طالبٍ.

قال ابن إسحاق (٢): وقاتَل عليّ بن أبي طالبٍ ورجالٌ من المسلمين.

قال ابن هشامٍ (٣): وحدّثني مسلمة بن علقمة المازني قال: لمَّا اشتد القتال يوم أُحدٍ، جلس رسول اللَّه تحت راية الأنصار، وأرسل إلى عليٍّ أن قدّم الرَّاية، فتقدّم عليٌّ وهو يقول: أنا أبو القصم. فناداه أبو سعد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء المشركين، أن هل لك يا أبا القُصَم في البِراز من حاجةٍ؟ قال: نعم. فبرزا بين الصفّين، فاختلفا ضربتين، فضربه عليٌّ فصرعه، ثم انصرف ولم يُجْهِز عليه، فقال له بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟ فقال: إنه استقبلني بعورته، فعطفتْني عليه الرّحمُ، وعرفت أنّ اللَّه قد قتله.

[وقد فعل ذلك عليٌّ، ، يوم صفّين مع بُسر بن أبي أرطاة، لما حمل عليه ليقتله، أبدى له عن عورته فرجع عنه، وكذلك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه عليٌّ في بعض أيام صفّين، أبدى عن عورته فرجع عليٌّ أيضًا.

ففي ذلك يقول الحارث بن النّضر: [من الطويل]

أفي كلّ يومٍ فارسٌ غير منتهٍ … وعورتُه وسْط العجاجة باديه

يكُفّ لها عنه عليٌّ سِنانه … ويضحك منها في الخَلاء معاويهْ

وذكر يونس، عن ابن إسحاق (٤)، أن طلحة بن أبي طلحة العبدريّ حامل لواء المشركين يومئذٍ دعا إلى البِراز، فأحجم الناس عنه، فبرز إليه الزبير بن العوّام، فوثب حتى صار معه على جمله، ثم اقتحم به الأرض، فألقاه عنه وذبحه بسيفه، فأثنى عليه رسول اللَّه قال: "إنّ لكلّ نبيٍّ حواريًا، وحواريّ الزبير" (٥). وقال: "لو لم يبرز إليه؛ لما رأيت من إحجام الناس عنه".


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٧٣).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٧٣).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٧٣).
(٤) وأورده البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٢٢٧) عن يونس به، إلا أنه لم يسم الرجل الذي دعا للبراز.
(٥) رواه البخاري رقم (٣٧١٩) من حديث جابر بن عبد اللَّه وهو عند الترمذي رقم (٣٧٤٥) من حديث علي بن أبي طالب وانظر "جامع الأصول" لابن الأثير (٩/ ٥ - ٦) بتحقيق والدي وأستاذي المحدِّث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه اللَّه تعالى وأدام النفع به.