للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألةِ، فمَنْ هذا يا جبريلُ؟ فقال: هذا إسرافيل خلقَه اللَّه يومَ خلقَه بين يديْه صَافًّا قدميْه لا يرفعُ طَرْفهُ، بينه وبين الربِّ سبعون نورًا، ما منها من نورٍ يكادُ يدنو منه إلا احترقَ، بين يديه لوحٌ، فإذا أذنَ اللَّه في شيء من السماء أو في الأرض ارتفعَ ذلك اللَّوْحُ فضرب جبهتَه، فينظر، فإنْ كان من عملي أمرني به، وإنْ كان من عمل ميكائيلَ أمرَه به، وإن كان من عمل مَلَكِ الموت أمره به. فقلت: يا جبريل وعلى أيِّ شيءٍ أنت؟ قال: على الريح والجنود. قلت: وعلى أيِّ شيءٍ ميكائيلُ؟ قال: على النبات والقَطْر. قلتُ: وعلى أيِّ شيءٍ مَلَكُ الموت؟ قال: على قَبْضِ الأنْفُسِ، وما ظننتُ أنه نزل إلا لقيام السَّاعةِ، وما الذي رأيتَ منِّي إلا خوفًا من قيامِ السَّاعة. هذا حديث غريب من هذا الوجه.

وفي صحيح مسلم (١): عن عائشة؛ أنَّ رسولَ اللَّه : كان إذا قامَ من اللَّيل يُصلِّي يقول: "اللَّهم ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ، فاطرَ السماواتِ والأرض، عالمَ الغيبِ والشَّهادة، أنتَ تحكمُ بين عبادِكَ فيما كانوا فيه يختلفونَ، اهدني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنكَ، إنَّكَ تهدي منْ تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ".

وفي حديث الصُّور: أن إسرافيلَ أول من يبعثه اللَّه بعد الصعق لينفخ في الصُّور (٢).

وذكر محمد بن الحسن النقَّاش: أن إسرافيل أول من سجد من الملائكة فجُوزي بولاية اللوح المحفوظ. حكاه أبو القاسم السهيلي في كتابه "التعريف والإعلام بما أُبهم في القرآن من الأعلام" (٣).

وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: ٩٨] عطفَها على الملائكة لشرفهما، فجبريلُ مَلَكٌ عظيم قد تقدَّم ذِكرُه. وأما ميكائيلُ، فموكَّل بالقَطْر والنبات، وهو ذو مَكانةٍ من ربّه ﷿، ومن أشراف الملائكة المقرَّبين.

وقد قال الإمامُ أحمد (٤): حدَّثنا أبو اليمان، حدَّثنا ابنُ عيَّاش، عن عُمارة بن غَزيَّة الأنصاري؛ أنه سمع حُميد بن عُبيد مولى بني المُعلَّى يقولُ: سمعتُ ثابتًا البُناني يُحدِّثُ عن أنس بن مالك، عن رسول اللَّه : أنه قال لجبريلَ: "ما لي لم أرَ ميكائيلَ ضاحكًا قطُّ؟ فقال: ما ضحكَ ميكائيلُ منذ خُلقتِ النَّارُ" (٥).


(١) (٧٧٠) في صلاة المسافرين، وفيه قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته.
(٢) حديث الصُّور أخرجه البيهقي (٦٦٨) في "البعث والنشور" والسيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٢٥) والطبراني (٣٦) في المطولات، عن أبي هريرة. قال الحافظ ابن كثير: وهذا حديث مشهور، وهو غريب جدًا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة.
(٣) التعريف والأعلام؛ للسهيلي (ص ١٨) طبعة دار الكتب العلمية -بيروت-.
(٤) في المسند (٣/ ٢٢٤) وهو حسن بطرقه وشواهده.
(٥) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٢٢٤)، وإسناده ضعيف.