للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهؤلاء الملائكةُ المصرَّح بذكرهم في القرآن.

وفي الصِّحاح هم المذكورون في الدعاء النبويِّ "اللهم رب جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيل". فجبريلُ؛ ينزلُ بالهدى على الرسل لتبليغ الأمم. وميكائيلُ: موكَّل بالقَطْر والنبات اللَّذين يُخلق منهما الأرزاق في هذه الدار، وله أعوانٌ يفعلون ما يأمرهم به بأمرِ ربِّه، يصرفونَ الرِّياحَ والشَحابَ كما يشاءُ الربُّ ، وقد روينا أنه ما من قطرةٍ تنزلُ من السماء إلا ومعها مَلَكٌ يُقَرِّرُها في موضعها من الأرض. وإسرافيلُ: مُوكَّل بالنفخ في الصُّور، للقيام من القبور، والحضور يوم البعث والنشور، ليفوزَ الشَّكُور، ويُجازى الكفور، فذاك ذنبه مغفور، وسعيه مشكور، وهذا قد صار عمله كالهباء المنثور، وهو يدعو بالويل والثبور. فجبريلُ يحصلُ مما هو (١) موكَّلٌ به الهدى، وميكائيلُ يحصلُ مما (٢) هو موكّل به الرزق، وإسرافيلُ يحصلُ مما هو موكَّلٌ به النصر والجزاء.

وأما مَلَكُ الموت، فليس بمصرَّح باسمه في القرآن ولا في الأحاديث الصِّحاح، وقد جاء تسميتُه في بعض الآثار بعزرائيل واللَّه أعلم.

وقد قال اللَّه تعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: ١١] وله أعوانٌ يستخرجون روحَ العبد من جثَّته حتى تبلغَ الحلقومَ، فيتناولُها مَلَكُ الموت بيده، فإذا أخذَها لم يدَعُوها في يده طَرْفَةَ عَيْنٍ حتَّى يأخذوها منه فيلقوها في أكفان تليق بها، كما قد بُسط عند قوله ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٢٧]. ثم يصعدونَ بها، فإن كانت صالحةً فُتحتْ لها أبوابُ السماء وإلا غُلِّقَتْ دونَها، وأُلقيَ بها إلى الأرض، قال اللَّه تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ [الأنعام: ٦١ - ٦٢].

وعن ابن عبَّاس ومجاهد وغير واحد؛ أنهم قالوا: إنَّ الأرضَ بين يديْ مَلَكِ الموت مثل الطّسْتِ يتناولُ منها حيث يشاء، وقد ذكرنا أن ملائكة الموت يأتونَ الإنسانَ على حَسَبِ عملهِ، إنْ كان مؤمنًا أتاه ملائكةٌ بيضُ الوجوه، بيضُ الثياب، طَيبةُ الأرواح. وإن كان كافرًا فبالضدِّ من ذلك؛ عياذًا باللَّه العظيم من ذلك.

وقد قال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبي، حدَّثنا يحيى بن أبي يحيى المُقرئ، حدَّثنا عَمْرو بن شمر (٣)، قال: سمعتُ جعفرَ بن محمّد، قال: سمعتُ أبي يقولُ: نظرَ رسولُ اللَّه إلى مَلَكِ الموتِ عندَ رأسِ


(١) كذا في الأصول، وفي المطبوع: بما ينزل.
(٢) في المطبوع: بما.
(٣) في الأصول: سمر؛ والتصحيح من "المعجم الكبير" (٤/ ٢٢٠) و"تفسير القرآن العظيم" (٣/ ٥٦٥).