للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعل يكشف عنه الثوب ويبكي، فنهاه الناس، فقال رسول اللَّه : "تبكيه أو لا تبكيه، لم تزل الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفعتموه" (١).

وفي روايةٍ، أن عمّته هي الباكية.

وقال البيهقيّ (٢): أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، وأبو بكرٍ أحمد بن الحسن القاضي قالا: حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حدّثنا فيض بن وثيقٍ البصريّ، حَدَّثَنَا أبو عبادة الأنصاريّ، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه لجابرٍ: "يا جابر، ألا أبشّرك؟ " قال: بلى، بشّرك اللَّه بالخير. فقال: "أشعرتَ أن اللَّه أحيا أباك فقال: تمنّ عليّ عبدي ما شئت أعطكه. قال: يا ربّ، ما عبدتك حق عبادتك، أتمنّى عليك أن تردّني إلى الدنيا، فأُقتل مع نبيّك، وأقتل فيك مرةً أخرى. قال: إنه قد سلف مني أنّه إليها لا يرجع".

وقال البيهقيّ (٣): أنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الإسفرايينيّ، ثنا أبو سهل بشر بن أحمد، أنا أحمد بن الحسين بن نصرٍ، ثنا عليّ بن المدينيّ، حدّثنا موسى بن إبراهيم [بن كثيرٍ] بن بشير بن الفاكه الأنصاريّ، قال: سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصّمّة الأنصاريّ ثم السّلميّ قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه قال: نظر إليّ رسول اللَّه فقال: "ما لي أراك مهتمًا؟ " قال: قلت: يا رسول اللَّه، قتل أبي، وترك دينًا وعيالًا. فقال: "ألا أخبرك" ما كلّم اللَّه أحدًا إلا من وراء حجابٍ، وإنه كَلَّم أباك كفاحًا، وقال له يا عبدي، سلني أعطك. فقال: أسألك أن تردّني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيًا. فقال: إنه قد سبق مني [القول] إنّهم إليها لا يرجعون. قال: يا ربّ، فأبلغ من ورائي". فأنزل اللَّه: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ الآية [آل عمران: ١٦٩].

وقال ابن إسحاق (٤): وحدّثني بعض أصحابنا، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيلٍ، سمعت جابرًا يقول: قال لي رسول اللَّه : "ألا أبشّرك يا جابر؟ " قال: قلت: بلى. قال: "إنّ أباك حيث أصيب بأحدٍ، أحياه اللَّه، ثم قال له: ما تحبّ يا عبد اللَّه بن عمرو أن أفعل بك؟ قال: أي ربِّ، أحبّ أن تردّني إلى الدنيا، فأقاتل فيك، فأقتل مرّة أخرى".

وقد رواه أحمد (٥)، عن عليّ بن المدينيّ، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن عليّ بن ربيعة السّلميّ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيلٍ، عن جابرٍ، وزاد: فقال اللَّه: "إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون".


(١) هي عند البخاري رقم (١٢٤٤) وعند مسلم رقم (٢٤٧١) (١٢٩).
(٢) في "دلائل النبوة" (٣/ ٢٩٨).
(٣) في "دلائل النبوة" (٣/ ٢٩٨).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٢٠).
(٥) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٣٦١)، وإسناده حسن.