للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد (١): ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد اللَّه، عن جابر بن عبد اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه يقول، إذا ذَكر أصحاب أحدٍ: "أما واللَّه لوددت أني غودرت مع أصحاب نحصِ الجبل". يعني سفح الجبل، تفرّد به أحمد.

وقد روى البيهقيّ (٢)، من حديث عبد الأعلى بن عبد اللَّه بن أبي فروة، عن قطن بن وهبٍ، عن عبيد بن عميرٍ، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه حين انصرف من أحد مرَّ على مصعب بن عُمير وهو مقتولٌ على طريقه، فوقف عليه، فدعا له ثم قرأ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣]. قال: "أشهد أنّ هؤلاء شهداء عند اللَّه يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم، والذي نفسي بيده، لا يسلّم عليهم أحدٌ إلى يوم القيامة؛ إلا ردّوا عليه". وهذا حديثٌ غريبٌ، وروي عن عبيد بن عميرٍ مرسلًا.

وروى البيهقيّ (٣) من حديث موسى بن يعقوب، عن عبّاد بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كان النبيّ يأتي قبور الشهداء، فإذا أتى فرضة الشّعب (٤) قال: "السلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدَّار". ثم كان أبو بكرٍ بعد النبيّ يفعله، وكان عمر بعد أبي بكرٍ يفعله، وكان عثمان بعد عمر يفعله.

قال الواقديّ (٥): كان النبيّ يزورهم كلّ حولٍ، [فإذا تفوَّه] (٦) الشّعبَ يقول: "السلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدَّار]. ثم كان أبو بكرٍ يفعل ذلك كلّ حولي، ثم عمر، ثم عثمان، وكانت فاطمة بنت رسول اللَّه تأتيهم، فتبكي عندهم وتدعو لهم، وكان سعدٌ يسلّم، ثم يقبل على أصحابه فيقول: ألا تسلّمون على قومٍ يردّون عليكم. ثم حكى زيارتهم، عن أبي سعيدٍ، وأبي هريرة، وعبد اللَّه ابن عمر، وأمّ سلمة، .

وقال ابن أبي الدّنيا (٧): حدّثني إبراهيم، حدثني الحكم بن نافعٍ، ثنا العطّاف بن خالدٍ، حدّثتني خالتي قالت: ركبت يومًا إلى قبور الشهداء -وكانت لا تزال تأتيهم- فنزلت عند حمزة، فصلّيت ما شاء اللَّه أن أصلّي، وما في الوادي داعٍ ولا مجيبٌ، إلا غلامًا قائمًا آخذًا برأس دابّتي، فلما فرغت من صلاتي قلت هكذا بيدي: السلام عليكم. قالت: فسمعت ردّ السلام عليّ يخرج من تحت الأرض،


(١) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٣٧٥)، وإسناده حسن.
(٢) في "دلائل النبوة" (٣/ ٢٨٤).
(٣) في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٠٦).
(٤) أي: جانبه.
(٥) انظر "المغازي" (١/ ٣١٣).
(٦) في (ط) فإذا بلغ نقرة.
(٧) في كتابه "من عاش بعد الموت" ص (٤٠).