للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعند البخاريّ (١)، من طريق جويرية بن أسماء، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أن رسول اللَّه حرّق نخل بني النّضير وقطع، وهي البويرة، ولها يقول حسان بن ثابتٍ (٢): [من الوافر]

وهان على سراة بني لؤيٍّ … حريقٌ بالبُويرة مستطير

فأجابه أبو سفيان بن الحارث يقول (٣): [من الوافر]

أدام اللَّه ذلك من صنيعٍ … وحرّق في نواحيها السعير

ستعلم أيّنا منها بنزهٍ … وتعلم أيّ أرضينا تضير

قال ابن إسحاق: وقال كعب بن مالكٍ (٤) يذكر إجلاء بني النّضير وقتل كعب بن الأشرف، فاللَّه أعلم: [من الوافر]

لقد خزيت بغدرتها الحبور … كذاك الدّهر ذو صرفٍ يدورُ

وذلك أنهم كفروا بربٍّ … عظيمٍ أمره أمرٌ كبيرُ

وقد أوتوا معًا فهمًا وعلمًا … وجاءهمُ من اللَّه النذيرُ

نذير صادقٌ أدّى كتابًا … وآياتٍ مبيّنةً تنيرُ

فقالوا ما أتيت بأمر صدقٍ … وأنت بمنكرٍ منا جديرُ

فقال بلى لقد أدّيت حقًّا … يصدّقني به الفهِم الخبيرُ

فمن يتبعه يهد لكلّ رشدٍ … ومن يكفر به يُجْزَ الكفورُ

فلمّا أُشربوا غدرًا وكفرًا … وجدّ بهم عن الحقّ النّفورُ

أرى اللَّه النَّبِيّ برأي صدقٍ … وكان اللَّه يحكم لا يجورُ

فأيّده وسلّطه عليهم … وكان نصيره نعم النصيرُ

فغودر منهم كعبٌ صريعًا … فذلّت بعد مصرعه النّضيرُ

على الكفّين ثَمّ وقد علته … بأيدينا مشهّرةٌ ذُكورُ

بأمر محمدٍ إذ دسّ ليلًا … إلى كعبٍ أخا كعبٍ يسيرُ

فما كَره فأنزله بمَكرٍ … ومحمودٌ أخو ثقةٍ جسورُ

فتلك بنو النّضير بدار سوءٍ … أبارهمُ بما اجترموا المبيرُ

غداة أتاهمُ في الزّحف رهوًا … رسول اللَّه وهو بهم بصيرُ


(١) رواه البخاري رقم (٢٣٢٦) و (٤٠٣٢).
(٢) انظر "ديوانه" (١/ ٢١٠) ولفظ صدر البيت فيه: "لهان. . . ".
(٣) البيتان في "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٧٢) مع بعض الخلاف في ألفاظهما.
(٤) الأبيات في "ديوانه" ص (١٦٨ - ١٦٩). وانظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٩٩).