للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق (١): فعمل المسلمون فيه حتى أحكموه، وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له: جُعيل. سمَّاه رسول اللَّه عَمرًا، فقالوا فيما يقولون: [من الرجز]

سمَّاه من بعد جُعَيْلٍ عَمْرا … وكان للبائس يومًا ظهرا (٢)

وكانوا إذا قالوا: عَمرا. قال معهم رسول اللَّه : "عَمرًا". وإذ قالوا: ظهرًا. قال لهم: "ظهرًا".

وقد قال البخاري (٣): ثنا عبد اللَّه بن محمد، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا أبو إسحاق، عن حميد، سمعت أنسًا، قال: خرج رسول اللَّه إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النَّصَب والجوع قال: "اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة". فقالوا مجيبين له: [من الرجز]

نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

وفي "الصحيحين" (٤) من حديث شعبة، عن معاوية بن قُرّة، عن أنس، نحوه.

وقد رواه مسلم (٥) من حديث حَمَّاد بن سَلَمَة، عن ثابت، وحُميد، عن أنس، بنحوه.

وقال البخاري (٦): ثنا أبو معمر، ثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التراب على متونهم، ويقولون:

نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

قال: يقول النبي يجيبهم: "اللهم [إنه] لا خير إلا خير الآخرة، فبارك في الأنصار والمهاجرة". قال: ويؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع [لهم] بإهالة سنِخة توضع بين يدي القوم والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق، ولها ريح منتن.

وقال البخاري (٧): ثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كنا مع رسول اللَّه في الخندق، وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب على أكتادنا، فقال رسول اللَّه :

"اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار".


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢١٧).
(٢) ظهرًا: أي قوة.
(٣) رواه البخاري رقم (٢٨٣٤) و (٤٠٩٩).
(٤) رواه البخاري رقم (٣٧٩٥) و (٦٤١٣) ومسلم رقم (١٢٧) و (١٨٠٥).
(٥) في "صحيحه" رقم (١٨٠٥) (١٣٠).
(٦) رواه البخاري رقم (٢٨٣٥).
(٧) رواه البخاري رقم (٤٠٩٨).