للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن إسحاق (١): وحدثني سعيد بن ميناء أنه قد حُدِّث أن ابنةً لبشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت: دعتني أمي عَمْرَة بنت رواحة، فأعطتني حَفنة من تمرٍ في ثوبي، ثم قالت: أي بنية، اذهبي إلى أبيك وخالك عبد اللَّه بن رواحة بغدائهما. قالت: فأخذتها وانطلقت بها، فمررت برسول اللَّه وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال: "تعالي يا بُنية، ما هذا معك؟ ". قالت: قلت: يا رسول اللَّه، هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد، وخالي عبد اللَّه بن رواحة يتغديانه. فقال: "هاتيه". قالت: "فصببته في كفي رسول اللَّه ، فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له، ثم دحا (٢) بالتمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: "اصرخ في أهل الخندق أن هَلُمَّ إلى الغداء". فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.

هكذا رواه ابن إسحاق، وفيه انقطاع، وهكذا رواه الحافظ البيهقي (٣) من طريقه، ولم يزد.

قال ابن إسحاق (٤): وحُدِّثت عن سلمان الفارسي أنه قال: ضربت في ناحية من الخندق فغلظت عليّ [صخرة]، ورسول اللَّه قريب مني، فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان عليّ، نزل فأخذ المعول من يدي، فضرب [به] ضربة لمعت تحت المعول بُرْقَةٌ، ثم ضرب به ضربة أخرى فلمعت تحته بُرْقَةٌ أخرى. قال: ثم ضرب به الثالثة فلمعت بُرْقَةٌ أخرى. قال: قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه! ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول [وأنت تضرب؟] قال: "أوَ قد رأيت ذلك يا سلمان؟ " قال: قلت: نعم. قال: "أما الأولى، فإن اللَّه فتح على بها اليمن، وأما الثانية، فإن اللَّه فتح على بها الشام والمغرب، وأما الثالثة، فإن اللَّه فتح عليّ بها المشرق".

قال البيهقي (٥): وهذا الذي ذكره ابن إسحاق قد ذكره موسى بن عقبة في "مغازيه"، وذكره أبو الأسود، [عن] عروة.

ثم روى البيهقي (٦) من طريق محمد بن يونس الكديمي، وفي حديثه نظر.

لكن رواه ابن جرير في "تاريخه" (٧) عن محمد بن بشار بُنْدَار، كلاهما عن محمد بن خالد بن


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢١٨).
(٢) في (أ): "دعا" أثبت لفظ (ط) ودحا: بسط ووسع. انظر "النهاية" (٢/ ١٠٦).
(٣) في "دلائل النبوة" (٣/ ٤٢٧).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢١٩).
(٥) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٤١٨).
(٦) "دلائل النبوة" (٣/ ٤١٨).
(٧) انظر "تاريخ الطبري" (٢/ ٥٦٧).