للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن هشام (١): وأنزل الله، فيما قال سفيان بن عُيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي قتادة: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٢٧].

قال ابن هشام (٢): أقام مرتبطًا ست ليال، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة، فتحله حتى يتوضأ ويصلي ثم يرتبط، حتى نزلت توبته في قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٠٢].

وقول موسى بن عقبة: إنه مكث عشرين ليلة مرتبطًا به، أشبه، والله أعلم.

وذكر ابن إسحاق (٣) أن الله أنزل توبته على رسوله من آخر الليل، وهو في بيت أُمِّ سلمة، فجعل يتبسّم (٤)، فسألته أُمُّ سلمة، فأخبرها بتوبة الله على أبي لبابة، فاستأذنته أن تبشّره، فأذن لها فخرجت فبشّرته، فثار الناس إليه يبشّرونه، وأرادوا أن يحلّوه من رباطه فقال: والله لا يحلني منه إلا رسول الله . فلما خرج رسول الله إلى صلاة الفجر حلَّه من رباطه، وأرضاه.

قال ابن إسحاق (٥): ثم إنَّ ثعلبة بن سَعْية، وأُسَيد بن سَعْيَةَ، وأسد بن عُبيد، وهم نفر من بني [هَدْلٍ]، ليسوا من بني قُريظة ولا النّضير، نسبُهم فوق ذلك، هم بنو عم القوم، أسلموا في تلك الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم رسول الله . وخرج في تلك الليلة عمرو بن سُعدى القرظي، فمر بحرس رسول الله ، وعليهم محمد بن مسلمة تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟ قال: [أنا] عمرو بن سُعْدى [وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله ، وقال: لا أغدر بمحمد أبدًا]. فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهم لا تحرمني [إقالة] عثرات الكرام. ثم خفى سبيله، فخرج على وجهه، حتى بات في مسجد رسول الله بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب فلم يُدْرَ أين توجه من الأرض إلى يومه هذا. فذكر شأنه لرسول الله فقال: "ذاك رجل نجَّاه الله بوفائه". وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برُمَّة فيمن أُوثق [من بني قريظة]، فأصبحت رُمَّته ملقاة، ولم يُدر أين ذهب، فقال رسول الله فيه تلك المقالة، والله أعلم أيُّ ذلك كان.

قال ابن إسحاق (٦): فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله ، فتواثبت الأوس فقالوا: يا رسول الله، إنهم [كانوا] موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمتَ. يعنون عفوه عن بني قينقاع حين سأله فيهم عبد الله بن أُبي، كما تقدم.


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٣٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٣٨).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٣٧).
(٤) في (ط): "يبتسم".
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٣٨).
(٦) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٢٣٩).