للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق (١): وحدَّثني محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عروة، عن عائشة، قالت: لم يقتل من نسائهم إلَّا امرأة واحدة. قالت: والله إنَّها لعندي تحدَّث معي تضحك ظهرًا وبطنًا، ورسول الله يقتل رجالها في السوق، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا والله. قالت: قلت لها: ويلك ما لك؟ قالت: أُفتل. قلت: ولم؟ قالت: لحدث أحدثتُه. قالت: فانطلق بها فضربت عنقها. وكانت عائشة، تقول: فوالله ما أنسى عجبًا منها؛ طِيب نفسها وكثرة ضحكها، وقد عرفت أنَّها تُقتل.

وهكذا رواه الإمام أحمد (٢)، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، به.

قال ابن إسحاق (٣): هي التي طرحت الرَّحا على خلَّاد بن سويد فقتلته. يعني فقتلها رسول الله به (٤). قاله ابن إسحاق في موضع آخر، وسمَّاها نُباتة (٥) امرأة الحكم القرظيِّ.

قال ابن إسحاق (٦): ثم إنَّ رسول الله قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين بعدما أخرج الخمس، وقسم للفارس ثلاثة أسهم؛ سهمين للفرس، وسهمًا لراكبه، وسهمًا للراجل، وكانت الخيل يومئذ ستًا وثلاثين.

قال: وكان أول فيء وقعت فيه السُّهمان وخُمِّس.

قال ابن إسحاق (٧): وبعث رسول الله سعد بن زيد بسبايا من بني قريظة إلى نجد، فابتاع بها خيلًا وسلاحًا، وكان رسول الله قد اصطفى من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خُنافة، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة، وكان عليها حتى توفِّي عنها وهي في ملكه، وقد كان رسول الله عرض عليها الإسلام فامتنعت، ثم أسلمت بعد ذلك، فسرَّ رسول الله بإسلامها، وقد عرض عليها أن يعتقها ويتزوَّجها، فاختارت أن تستمرَّ على الرِّقِّ ليكون أسهل عليها، فلم تزل عنده حتى توفي، .

ثم تكلم ابن إسحاق (٨) على ما نزل من الآيات في قصة الخندق من أول سورة الأحزاب. وقد ذكرنا ذلك مستقصىً في تفسيرها (٩)، ولله الحمد والمنَّة.


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٢).
(٢) في "المسند" (٦/ ٢٧٧)، ورواه أيضًا أبو داود رقم (٢٦٧١) وهو حديث حسن.
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٢) والكلام له لا لابن إسحاق، ولعله له في موطن آخر، والله أعلم.
(٤) قال الإمام الشافعي - فيما نقله البيهقي: "قد جاء الخبر أن رسول الله قتل القرظية" ولم يصح خبر على أي معنى قتلها، وقد يحتمل أن تكون أسلمت ثم ارتدت ولحقت بقومها فقتلها لذلك، ويحتمل غيره" السنن الكبرى ٩/ ٨٢، ومعرفة السنن (١٨٠١٨).
(٥) كذا في (آ) و (ط): "نباتة" وفي "الفصول في سيرة الرسول " ص (١٧٥): "وبَنَانَة".
(٦) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٤).
(٧) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٥).
(٨) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٤٥).
(٩) انظر "تفسير القرآن العظيم" للمؤلف (٦/ ٣٨٤).