للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيضاء مشرفة الذُّرى ومعاطنًا … حمَّ الجذوع غزيرة الأحلابِ

كاللُّوب يُبْذَلُ جمُها وحفيلها … للجار وابن العمِّ والمنتابِ

ونزائعا (١) مثل السِّراح نمى بها … علف الشَّعير وجزَّة المقضابِ

عري الشَّوى منها وأردف نحضها … جرد المتون وسائر الآرابِ

قودًا تراحُ إلى الصِّياح إذا غدت … فعل الضِّراء تراح للكَلَّاب (٢)

وتحوط سائمة الديار وتارة … تُردي العدا وتؤوب بالأسلابِ

حوشَ الوحوش مُطارة عند الوغى … عبس الفقاء مبينة الإنجابِ

علفت على دعة فصارت بُدَّنًا … دُخس (٣) البضيع خفيفة الأقصابِ

يغدون بالزَّغف المضاعف شكُّه … وبمترصاتٍ في الثِّقاف صيابِ

وصوارمٍ نزع الصَّياقل علْبها (٤) … وبكلِّ أروع ماجد الأنسابِ

يصل اليمين بمارن متقارب … وُكلت وقيعته إلى خبَّابِ

وأغرَّ أزرق في القناة كأنَّه … في طُخيه (٥) الظَّلماء ضوءُ شهابِ

وكتيبة ينفي القِرانَ قتيرُها … وتردُّ حدِّ قواحز (٦) النُّشَّابِ

جأوي (٧) ململمة كأنَّ رماحها … في كلِّ مجمعة ضريمة غابِ

تأوى إلى ظلِّ اللِّواء كأنَّه … في صعدة الخطِّيِّ فيء عقابِ

أعيت أبا كرِب وأعيت تبَّعًا … وأبت بسالتها على الأعرابِ

ومواعظ من ربِّنا نُهدى بها … بلسان أزهر طيِّب الأثوابِ

عرضت علينا فاشتهينا ذكرها … من بعد ما عرضت على الأحزابِ

حِكمًا يراها المجرمون بزعمهم … حرجًا ويفهمها ذوو الألبابِ

جاءت سخينة كي تغالب ربَّها … فليغلبنَّ مغالب الغلَّابِ

قال ابن هشام (٨): حدَّثني من أثق به، حدَّثني عبد الملك بن يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، أن رسول الله قال له لمَّا سمع منه هذا البيت: "لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا".


(١) النزائع: الخيل العربية التي نزعت من الأعداء. والسِّراح، جمع سرحان، وهو الذئب.
(٢) الكلاب: الصائد صاحب الكلاب.
(٣) كثيرة اللحم.
(٤) أي: صلابتها.
(٥) الطخية في شدة السواد.
(٦) قواحز النشاب: أي السهام المرتفعة.
(٧) الجأواء: التي يخالط سوادها حمرة.
(٨) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٦١) والأبيات في "ديوان كعب بن مالك" ص (١٩٤ - ١٩٧).