للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ومراده بسخينة: قريش، وإنما كانت العرب تسمِّيهم بذلك لكثرة أكلهم الطعام السُّخن، الذي لا يتهيَّأ لغيرهم غالبًا من أهل البوادي، فالله أعلم.

قال ابن إسحاق (١): وقال كعب بن مالك أيضًا: [من الكامل]

من سرَّه ضرب يمعمع (٢) بعضه … بعضًا كمعمعة الأَبا (٣) المحرَقِ

فليأت مأسدة تسنُّ سيوفها … بين المذاد وبين جزع الخندقِ

درِبوا بضرب المعلِمين وأسلموا … مهجات أنفسهم لربِّ المشرقِ

في عصبة نصر الإله نبيَّه … بهمُ وكان بعبده ذا مرفقِ

في كلِّ سابغة يحطُّ فضولها … كالنِّهي (٤) هبَّت ريحه المترقرقِ

بيضاءَ محكمة كأنَّ قتيرها … حدق الجنادب (٥) ذات شكّ موثقِ

جدلاء يحفزها نجاد مهنَّد … صافي الحديدة صارم ذي رونقِ

تلكم مع التَّقوى تكون لباسنا … يوم الهياج وكلَّ ساعة مصدقِ

نصل السيوف إذا قصرن بخطونا … قدمًا ونُلحقها إذا لم تلحقِ

فترى الجماجم ضاحيًا هاماتها … بَلْهَ الأكفِّ كأنها لم تُخلقِ

نلقى العدوَّ بفخمة ملمومة … تنفي الجموع كقصد رأس المُشرقِ

ونعدُّ للأعداء كلَّ مقلَّص … وَرْدٍ ومحجول القوائم أبلقِ

تردي بفرسان كأنَّ كماتهم … عند الهياج أسود طلٍّ مُلْثِقِ

صدق يعاطون الكماة حتوفهم … تحت العماية بالوشيج المزهقِ

أمر الإله بربطها لعدوِّه … في الحرب إن الله خير موفِّقِ

لتكون غيظًا للعدوِّ وحُيَّطًا … للدار إن دلفت خيول النزَّقِ

ويعيننا الله العزيز بقوة … منه وصدق الصبر ساعة نلتقي

ونطيع أمر نبيِّنا ونجيبه … وإذا دعا لكريهة لم نُسبقِ

ومتى يناد إلى الشدائد نأتها … ومتى نر الحومات فيها نعنقِ

من يتَّبع قول النبيِّ فإنه … فينا مطاع الأمر حقُّ مصدِّقِ

فبذاك ينصرنا ويظهر عزَّنا … ويصيبنا من نيل ذاك بمرفقِ

إن الذين يكذِّبون محمدًا … كفروا وضلُّوا عن سبيل المتَّقي


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٦١).
(٢) المعمعة: صوت التهاب النار وحريقها.
(٣) الأباء واحدتها أباءة وهي القصبة.
(٤) النهي: الغدير من الماء.
(٥) الجنادب: الجراد.