للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح ما ذكره يونس، عن محمد بن إسحاق قال: بلغني أن الذي ولي نكاحها ابن عَمِّها خالد بن سعيد بن العاص.

قلت: وكان وكيل رسول الله في قبول العقد أَصْحَمَة النجاشيُّ ملك الحبشة، كما قال يونس، عن محمد بن إسحاق: حدَّثني أبو جعفر محمد بن عليِّ بن الحسين قال: بعث رسول الله عمرو بن أُميَّة الضَّمريَّ إلى النجاشيِّ، فزوَّجه أمِّ حَبيبة بنت أبي سفيان، وساق عنه أربعمئة دينار.

وقال الزُّبير بن بكَّار (١): حدَّثني محمد بن الحسن، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن زهير، عن إسماعيل بن عمرو، أن أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان قالت: ما شعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشيِّ جارية يقال لها: أَبرهة. كانت تقوم على ثيابه ودهنه، فاستأذنت عليَّ فأذنت لها، فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله كتب إليَّ أن أُزوِّجكِه. فقلت: بشَرك الله بالخير. وقالت: يقول لك الملك: وكِّلي من يزوِّجك. قالت: فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص، فوكَّلته، وأَعطيت أَبرهة سوارين من فضَّة، وخدمتين (٢) من فضة كانتا عليَّ، وخواتيم من فضة كانت في كلِّ أصابع رجليَّ؛ سرورًا بما بشَّرتني به، فلما أن كان من العشيِّ أمر النجاشيُّ جعفر بن أبي طالب ومن كان هناك من المسلمين أن يحضروا، وخطب النجاشيُّ وقال: الحمد لله، الملك القدُّوس السلام، المؤمن المهيمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشَّر به عيسى ابن مريم، أمَّا بعد، فإن رسول الله كتب إليَّ أن أزوجه أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله ، وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلَّم خالد بن سعيد فقال: الحمد لله، أحمده وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقِّ ليظهره على الدين كلَّه ولو كره المشركون، أمّا بعد، فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله ، وزوَّجته أمِّ حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله . ودفع النجاشيُّ الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا، فقال: اجلسوا، فإن من سنة الأنبياء إذا تزوَّجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرَّقوا.

قلت: فلعل عمرو بن العاص لما رأى عمرو بن أُمية خارجًا من عند النجاشيِّ بعد الخندق إنما كان في قضية أُمِّ حبيبة، فالله أعلم.

لكن قال الحافظ البيهقيُّ (٣): ذكر أبو عبد الله بن منده أن تزويجه، ، بأُمِّ حبيبة كان في سنة ستّ، وأن تزويجه بأُمِّ سلمة كان في سنة أربع.


(١) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٤٦١).
(٢) أي: خلخالين.
(٣) في "دلائل النبوة" (٣/ ٤٦٢).