للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفنى دوابرها ولاح متونها … يومٌ تقاد به ويوم طرادِ

فكذاك إنَّ جيادنا ملبونةٌ … والحرب مشعلة بريح غوادِ

وسيوفنا بيض الحدائد تجتلي … جنن الحديد وهامة المرتادِ

أخذ الإله عليهم لحرامه … ولعزَّة الرحمن بالأسدادِ

كانوا بدار ناعمين فبدِّلوا … أيام ذي قَرَد وجوه عنادِ

قال ابن إسحاق (١): فغضب سعد بن زيد أمير سرية الفوارس المتقدمين أمام رسول اللّه على حسان، وحلف لا يكلِّمه أبدًا، وقال: انْطَلَقَ إلى خيلي وفوارسي فجعَلها للمقداد، فاعتذر إليه حسان بأنه وافق الرَّويّ اسم المقداد، ثم قال أبياتًا يمدح بها سعد بن زيد (٢): [من الرجز]

إذا أردتم الأشدَّ الجلدا … أو ذا غناءَ فعليكم سعدا

سعد بن زيد لا يهدُّ هدًّا

قال: فلم تقع منه بموقع.

وقال حسان بن ثابت (٣) في يوم ذي قرد: [من المتقارب]

أظنَّ عُيينةُ إذ زارها … بأن سوف يهدم فيها قُصُورا

فأُكذبتَ ما كنت صدَّقته … وقلتم سنغنم أمرًا كبيرا

فعفت المدينة إذ زرتها … وآنست للأُسد فيها زئيرا

وولَّوا سراعًا كشدِّ النَّعام … ولم يكشفوا عن ملطٍّ حصيرا

أمير علينا رسول المليـ … ــك أحبب بذاك إلينا أميرا

رسول نصدِّق ما جاءه … ويتلو كتابًا مضيئًا منيرا

وقال كعب بن مالك (٤) في يوم ذي قرد، يمدح الفرسان يومئذ من المسلمين: [من الطويل]

أيحسب أولاد اللَّقيطة أننا … على الخيل لسنا مثلهم في الفوارسِ

وإنا أُناس لا نرى القتل سُبَّة … ولا ننثني عند الرِّماح المداعسِ

وإنا لنقري الضَّيف من قمع الذُّرى … ونضرب رأس الأبلخ (٥) المتشاوسِ

نردُّ كُماة المعلَمين إنا انتخوا … بضرب يسلِّي نخوة المتقاعسِ

بكلِّ فتى حامي الحقيقة ماجد … كريم كسِرحان العِضَاهِ مخالسِ


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٨٧).
(٢) الأبيات في "ديوان حسَّان بن ثابت".
(٣) الأبيات في "ديوانه" (١/ ١٦٩) مع بعض الخلاف.
(٤) الأبيات في "ديوانه" ص (١٧٦ - ١٧٧) مع بعض الخلاف اليسير.
(٥) أي: المتكبر.